- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَحْلَفَهُ مَا أَرَادَ إلَّا وَاحِدَةً وَرَدَّهَا عَلَيْهِ» (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) : لَمَّا كَانَ كَلَامُهُ مُحْتَمِلًا لَأَنْ لَمْ يُرِدْ إلَّا وَاحِدَةً جَعَلَ الْقَوْلَ قَوْلَهُ كَمَا حَكَمَ اللَّهُ فِيمَنْ أَظْهَرَ الْإِيمَانَ بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ فِي الدُّنْيَا فَيَنْكِحُ الْمُؤْمِنَاتِ وَيُوَارِثُ الْمُؤْمِنِينَ وَأَعْلَمَ بِأَنَّ سَرَائِرَهُمْ عَلَى غَيْرِ مَا أَظْهَرُوا وَأَنَّهُ يَغْلِبُ عَلَى مَنْ سَمِعَ طَلَاقَ أَلْبَتَّةَ أَنَّهُ يُرِيدُ الْإِبْتَاتَ الَّذِي لَا غَايَةَ لَهُ مِنْ الطَّلَاقِ «وَجَاءَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي فَزَارَةَ فَقَالَ إنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ غُلَامًا أَسْوَدَ فَجَعَلَ يُعَرِّضُ بِالْقَذْفِ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَلْ لَك مِنْ إبِلٍ؟ قَالَ نَعَمْ قَالَ مَا أَلْوَانُهَا قَالَ حُمْرٌ قَالَ فَهَلْ فِيهَا مِنْ أَوْرَقَ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَأَنَّى أَتَاهُ؟ قَالَ لَعَلَّهُ نَزَعَهُ عِرْقُ قَالَ وَلَعَلَّ هَذَا نَزَعَهُ عِرْقٌ» وَلَمْ يَحْكُمْ عَلَيْهِ بِحَدٍّ وَلَا لِعَانٍ إذْ لَمْ يُصَرِّحْ بِالْقَذْفِ لِأَنَّهُ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَكُونَ أَرَادَ قَذْفًا وَإِنْ كَانَ الْأَغْلَبُ عَلَى سَامِعِهِ أَنَّهُ أَرَادَ الْقَذْفَ مَعَ أَنَّ أَحْكَامَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَرَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَدُلُّ عَلَى مَا وَصَفْت مِنْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ بِالظَّنِّ.
وَإِنْ كَانَتْ لَهُ عَلَيْهِ دَلَائِلُ قَرِيبَةٌ فَلَا يَحْكُمُ إلَّا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُ اللَّهُ بِالْبَيِّنَةِ تَقُومُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ إقْرَارٍ مِنْهُ بِالْأَمْرِ الْبَيِّنِ وَكَمَا حَكَمَ اللَّهُ أَنَّ مَا أَظْهَرَ فَلَهُ حُكْمُهُ كَذَلِكَ حَكَمَ أَنَّ مَا أَظْهَرَ فَعَلَيْهِ حُكْمُهُ لِأَنَّهُ أَبَاحَ الدَّمَ بِالْكُفْرِ وَإِنْ كَانَ قَوْلًا فَلَا يَجُوزُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَحْكَامِ بَيْنَ الْعِبَادِ أَنْ يَحْكُمَ فِيهِ إلَّا بِالظَّاهِرِ لَا بِالدَّلَائِلِ.