عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْثَقُ وَأَعْرَفُ مِمَّنْ رَوَى عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ مَا رَوَيْت أَفَتَرُدُّ الْقَوِيَّ وَتَأْخُذُ بِأَضْعَفَ مِنْهُ؟ وَقُلْت لَهُ لَا يَعْدُو الْحُكْمُ بِالشَّاهِدَيْنِ أَنْ يَكُونَ مُحَرَّمًا أَنْ يَجُوزَ أَقَلُّ مِنْهُ فَأَنْتَ تُجِيزُهُ، أَوْ لَا يَكُونُ مُحَرَّمًا ذَلِكَ، فَأَنْتَ مُخْطِئٌ بِقَوْلِك إنَّهُ مُحَرَّمٌ أَنْ يَجُوزَ أَقَلُّ مِنْهُ، وَقَدْ بَيَّنَّا بَعْضَ ذَلِكَ فِي مَوَاضِعِهِ وَسَكَتْنَا عَنْ كَثِيرٍ لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ مِمَّا بَيَّنَّا اكْتِفَاءً بِمَا بَيَّنَّا عَمَّا لَمْ نُبَيِّنْ وَإِنَّ الْحُجَّةَ لَتَقُومُ بِأَقَلَّ مِمَّا بَيَّنَّا، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
ِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) : قَالَ فَمَا تَقُولُ فِي الْبَيِّنَةِ عَلَى الْمُدَّعِي، وَالْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَهِيَ عَامَّةٌ؟ قُلْت لَا، وَلَكِنَّهَا خَاصَّةٌ عَلَى بَعْضِ الْأَشْيَاءِ دُونَ بَعْضٍ قَالَ فَإِنِّي أَقُولُ إنَّهَا عَامَّةٌ قُلْت حَتَّى يَبْطُلَ بِهَا جَمِيعُ مَا خَالَفْتنَا عَلَيْهِ قَالَ فَإِنْ قُلْت ذَلِكَ؟ قُلْت إذًا تَتْرُكُ عَامَّةَ مَا فِي يَدِك قَالَ وَأَيْنَ قُلْت فَمَا الْبَيِّنَةُ الَّتِي أَمَرْت أَنْ لَا تُعْطَى بِأَقَلَّ مِنْهَا؟ قَالَ بِشَاهِدَيْنِ، أَوْ شَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ قُلْت فَمَا تَقُولُ فِي مَوْلَى لِي وَجَدْته قَتِيلًا فِي مَحَلَّةٍ فَلَمْ أُقِمْ بَيِّنَةً عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ بِعَيْنِهِ أَنَّهُ قَتَلَهُ؟ قَالَ نُحَلِّفُ مِنْهُمْ خَمْسِينَ رَجُلًا خَمْسِينَ يَمِينًا، ثُمَّ نَقْضِي بِالدِّيَةِ عَلَيْهِمْ وَعَلَى عَوَاقِلِهِمْ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ قُلْت فَقَالُوا لَك زَعَمْت أَنَّ كِتَابَ اللَّهِ يُحَرِّمُ أَنْ يُعْطَى بِأَقَلَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ، أَوْ شَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَزَعَمْت أَنَّ سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تُحَرِّمُ أَنْ يُعْطَى مُدَّعٍ إلَّا بِالْبَيِّنَةِ وَهِيَ شَاهِدَانِ عَدْلَانِ، أَوْ شَاهِدٌ وَامْرَأَتَانِ وَزَعَمْت أَنَّ سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْيَمِينَ بَرَاءَةٌ لِمَنْ حَلَفَ فَكَيْفَ أَعْطَيْت بِلَا شَاهِدٍ وأحلفتنا وَلَمْ تُبَرِّئْنَا فَخَالَفْت فِي جُمْلَةِ قَوْلِك الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ؟ قَالَ لَمْ أُخَالِفْهُمَا وَهَذَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قُلْت أَرَأَيْت لَوْ كَانَ ثَابِتًا عَنْ عُمَرَ لَكَانَ هَذَا الْحُكْمُ مُخَالِفًا لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَمَا قَالَ عُمَرُ مِنْ أَنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُدَّعِي، وَالْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ؟ قَالَ لَا؛ لِأَنَّ عُمَرَ أَعْلَمُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَمَعْنَى مَا قَالَ قُلْت أَفَدَلَّك هَذَا الْحُكْمُ خَاصَّةً عَلَى أَنَّ دَعْوَاكَ أَنَّ الْكِتَابَ يُحَرِّمُ أَنْ يُعْطَى أَحَدٌ بِأَقَلَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ وَأَنَّ السُّنَّةَ تُحَرِّمُ أَنْ يَحُولَ حُكْمٌ عَنْ أَنْ يُعْطَى فِيهِ بِأَقَلَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ، أَوْ يَحْلِفَ فِيهِ أَحَدٌ، ثُمَّ لَا يُبَرَّأُ لَيْسَ بِعَامٍّ عَلَى جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ كَمَا قُلْت؟ قَالَ نَعَمْ لَيْسَ بِعَامٍّ وَلَكِنِّي إنَّمَا أَخْرَجْت هَذَا مِنْ جُمْلَةِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ بِالْخَبَرِ عَنْ عُمَرَ قُلْت أَفَرَأَيْتنَا قُلْنَا بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ بِآرَائِنَا، أَوْ بِالْخَبَرِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَذَلِكَ أَلْزَمُ لَنَا وَلَك مِنْ الْخَبَرِ عَنْ غَيْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقُلْت أَرَأَيْت إنْ قَالَ لَك أَهْلُ الْمَحَلَّةِ إنَّمَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي» فَلِمَ لَا تُكَلِّفُ هَذَا بَيِّنَةً وَقَالَ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَقَالَ ذَلِكَ عُمَرُ أَفَمُدَّعَى عَلَيْنَا قَالَ؟ كَأَنَّكُمْ قُلْنَا وَكَأَنَّكُمْ ظَنٌّ، أَوْ يَقِينٌ هَذَا وَلِيُّ الْقَتِيلِ لَا يَزْعُمُ أَنَّا قَتَلْنَاهُ، وَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ غَيْرُنَا قَتَلَهُ وَطَرَحَهُ عَلَيْنَا فَكَيْفَ أَحَلَفَتْنَا وَلَسْنَا مُدَّعًى عَلَيْنَا قَالَ فَأَجْعَلُكُمْ كَالْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ قُلْنَا فَقَالُوا وَلِمَ تَجْعَلْنَا وَوَلِيُّ الدَّمِ لَا يَدَّعِي عَلَيْنَا، وَإِذَا جَعَلْتنَا أَفَبَعْضُنَا مُدَّعًى عَلَيْهِ، أَوْ كُلُّنَا؟ فَقَالَ، بَلْ كُلُّكُمْ فَقُلْنَا فَقَالُوا فَأَحْلِفْنَا كُلَّنَا فَلَعَلَّ فِينَا مَنْ يُقِرُّ فَتَسْقُطُ الْغَرَامَةُ عَنَّا وَتَلْزَمُهُ قَالَ فَلَا أُحَلِّفُكُمْ كُلَّكُمْ إذَا جَاوَزْتُمْ خَمْسِينَ قُلْنَا فَقَالُوا لَوْ ادَّعَى عَلَيْنَا دِرْهَمًا أَتُحَلِّفُنَا كُلَّنَا؟ قَالَ نَعَمْ قُلْنَا فَقَالُوا فَأَنْتَ تَظْلِمُ وَلِيَّ الْقَتِيلِ إذَا لَمْ تُحَلِّفْنَا كُلَّنَا وَكُلُّنَا مُدَّعًى عَلَيْنَا وَتَظْلِمُنَا إذَا أَحَلَفَتْنَا وَلَسْنَا مُدَّعًى عَلَيْنَا وَتَخُصُّ بِالظُّلْمِ خِيَارَنَا وَلَا تَقْتَصِرُ عَلَى يَمِينٍ وَاحِدَةٍ عَلَى إنْسَانٍ لَوْ كُنَّا اثْنَيْنِ أَحَلَفْت كُلَّ وَاحِدٍ مِنَّا خَمْسَةً وَعِشْرِينَ يَمِينًا، أَوْ وَاحِدًا أَحَلَفْتَهُ خَمْسِينَ يَمِينًا وَإِنَّمَا الْأَيْمَانُ عَلَى كُلِّ مَنْ حَلَفَ مَنْ كَان