الام للشافعي (صفحة 1772)

فِي مَعْنَى فَقَدْ يَفْتَرِقَانِ فِي غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ، فَأَبْرَأْته، ثُمَّ جَاءَ طَالِبُ الْحَقِّ بِشَاهِدَيْنِ أَبْطَلْت يَمِينَهُ وَأَخَذْت لِصَاحِبِ الْحَقِّ حَقَّهُ بِشَهَادَتِهِ، قُلْنَا فَهَكَذَا قُلْنَا فِي الْيَمِينِ وَإِنْ أَعْطَيْنَا بِهَا كَمَا أَعْطَيْنَا بِشَاهِدٍ فَلَيْسَتْ كَالشَّاهِدِ فِي كُلِّ أَمْرِهَا (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) : وَقُلْت لَهُ: أَرَأَيْت لَوْ قَالَ لَك قَائِلٌ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي زَمَانٍ أَهْلُهُ أَهْلُ عَدْلٍ وَإِسْلَامٍ وَالنَّاسُ الْيَوْمَ لَيْسُوا كَذَلِكَ وَلَا أُحَلِّفُ مَنْ اُدُّعِيَ عَلَيْهِ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَا مُسْلِمٍ غَيْرِ عَدْلٍ، قَالَ لَيْسَ ذَلِكَ لَهُ، وَإِذَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَيْئًا فَهُوَ عَامٌّ، قُلْنَا، وَكَذَلِكَ الْيَمِينُ مَعَ الشَّاهِدِ لَمَّا قَضَى بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِطَالِبِ الْحَقِّ كَانَ الْحُرُّ الْعَدْلُ وَغَيْرُهُ سَوَاءً فِيهَا، وَالْعَبْدُ، وَالْكَافِرُ كَمَا يَكُونُونَ سَوَاءً فِيمَا يَقَعُ عَلَيْهِمْ مِنْ الْأَيْمَانِ فَيَكُونُ خَيْرُ النَّاسِ لَوْ كَانَ يَعْرِفُ إذَا اُدُّعِيَ عَلَيْهِ يَحْلِفُ فَيُبَرَّأُ، وَالْكَافِرُ أَيْضًا كَذَلِكَ فَكَذَلِكَ يَحْلِفَانِ وَيَأْخُذَانِ، وَقُلْت لَهُ أَرَأَيْت أَهْلَ مَحَلَّةٍ وُجِدَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ قَتِيلٌ، فَأَقَامَ وَلِيُّهُ شَاهِدَيْنِ أَنَّهُمْ قَتَلُوهُ خَطَأً؟ قَالَ فَالدِّيَةُ عَلَيْهِمْ، قُلْت: فَلَوْ لَمْ يُقِمْ شَاهِدَيْنِ أَتُحَلِّفُهُمْ وَتُعْطِيهِمْ الدِّيَةَ؟ قَالَ نَعَمْ كَمَا نُعْطِيهِمْ إذَا أَتَى بِشَاهِدَيْنِ، قُلْت: فَأَيْمَانُهُمْ بِالْبَرَاءَةِ مِنْ دَمِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ شَاهِدَانِ كَشَاهِدَيْنِ لَوْ شَهِدَا عَلَيْهِمْ بِقَتْلِهِ فَقَالَ لَا، فَقُلْت لَهُ وَلِمَ، وَقَدْ أَعْطَيْت بِهَا كَمَا أَعْطَيْت بِالشَّاهِدَيْنِ؟ قَالَ إنَّمَا أُعْطِيت بِالْأَثَرِ، قُلْت: وَلَا يَلْزَمُك هَا هُنَا حُجَّةٌ؟ قَالَ لَا، قُلْنَا فَنَحْنُ أَعْطَيْنَا بِالسُّنَّةِ الَّتِي هِيَ أَوْلَى مِنْ الْأَثَرِ فَكَيْفَ زَعَمْت أَنَّ الْحُجَّةَ لَزِمَتْنَا؟ قُلْت لَهُ: فَأَيْمَانُ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ وَهُمْ مُشْرِكُونَ كَأَيْمَانِهِمْ لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ؟ قَالَ نَعَمْ، قُلْت: وَلَوْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ حَقًّا فَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ أَتُعْطِي الْمُدَّعِي حَقَّهُ؟ قَالَ نَعَمْ، قُلْت أَفَنُكُولُهُ كَشَاهِدَيْنِ لَوْ شَهِدَا عَلَيْهِ؟ قَالَ لَا، قُلْت فَقَدْ أَعْطَيْته بِنُكُولِهِ كَمَا تُعْطِي مِنْهُ بِشَاهِدَيْنِ؟ قَالَ فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي، وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» قُلْنَا هَذَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَوَاهُ عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَثَبَّتَهُ وَثَبَّتْنَاهُ بِرِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ خَاصَّةً وَرَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ «عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ» وَرَوَى ذَلِكَ عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَوَى ذَلِكَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَسَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَابْنُ الْمُسَيِّبِ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَدَدْته وَهُوَ أَكْثَرُ وَأَثْبَتُ وَثَبَّتْنَا وَثَبَتَ مَعَنَا الَّذِي هُوَ دُونَهُ، وَقُلْت لَهُ أَرَأَيْت إذْ حَكَمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الزِّنَا بِأَرْبَعَةِ شُهُودٍ وَجَاءَتْ بِذَلِكَ السُّنَّةُ وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} [البقرة: 282] أَمَا صَارَ أَهْلُ الْعِلْمِ إلَى إجَازَةِ أَرْبَعَةٍ فِي الزِّنَا وَاثْنَيْنِ فِي غَيْرِ الزِّنَا وَلَمْ يَقُولُوا أَنَّ وَاحِدًا مِنْهُمَا نَسَخَ الْآخَرَ وَلَا خَالَفَهُ وَأَمْضُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى مَا جَاءَ فِيهِ؟ قَالَ بَلَى قُلْت: فَإِذَا أَجَازَ أَهْلُ الْعِلْمِ شَهَادَةَ النِّسَاءِ وَحْدَهُنَّ فِي عُيُوبِ النِّسَاءِ وَغَيْرِهَا مِنْ أَمْرِ النِّسَاءِ بِلَا كِتَابٍ مَضَى فِيهِ وَلَا سُنَّةٍ أَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إذْ حَدَّ اللَّهُ الشَّهَادَاتِ فَجَعَلَ أَقَلَّهَا شَاهِدًا وَامْرَأَتَيْنِ فَلَا تَجُورُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ لَا رَجُلٌ مَعَهُنَّ وَمَنْ أَجَازَهَا خَالَفَ الْقُرْآنَ وَالسُّنَّةَ إذَا كَانَ أَقَلَّ مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَاهِدٌ وَيَمِينٌ، قَالَ لَا يَجُوزُ إذَا لَمْ يَحْظُرْ الْقُرْآنُ لَا يَجُوزُ أَقَلُّ مِنْ شَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ نَصًّا وَلَمْ تَحْظُرْ ذَلِكَ السُّنَّةُ، وَالْمُسْلِمُونَ أَعْلَمُ بِمَعْنَى الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ.

قُلْت: وَالسُّنَّةُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَلْزَمُ، أَوْ مَا قَالَتْ الْفُقَهَاءُ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قَالَ، بَلْ السُّنَّةُ، قُلْت فَلِمَ رَدَدْت السُّنَّةَ فِي الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ وَتَأَوَّلْت الْقُرْآنَ وَلَمْ تَرُدَّ أَثَرًا بِأَقَلَّ مِنْ شَاهِدٍ وَيَمِينٍ فَتَأَوَّلْت عَلَيْهِ الْقُرْآنَ؟ قَالَ وَإِذَا ثَبَتَتْ السُّنَّةُ لَمْ أَرُدَّهَا، وَكَانَتْ السُّنَّةُ دَلِيلًا عَلَى الْقُرْآنِ.

قُلْت: فَإِنْ عَارَضَك أَحَدٌ بِمِثْلِ مَا عَارَضْت بِهِ فَقَالَ لَا يَثْبُتُ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ أَجَازَ شَهَادَةَ الْقَابِلَةِ وَلَا عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ حَكَمَ بِالْقَسَامَةِ؟ قَالَ إذَا رَوَاهُ الثِّقَاتُ فَلَيْسَ لَهُ هَذَا، قُلْت، فَمَنْ رَوَى الْيَمِينَ مَعَ الشَّاهِد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015