وَحَدِيثُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَحْتَمِلُ مَا زَعَمْت أَنَّهُ يَحْتَمِلُ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ عَلَى بَعْضِ الْكَافِرِينَ دُونَ بَعْضٍ فَنُوَرِّثُ الْمُسْلِمَ مِنْ الْكَافِرِ الْكِتَابِيِّ كَمَا يَحِلُّ لَنَا نِسَاؤُهُمْ.
قَالَ لَا يَجُوزُ إذَا جَاءَ الشَّيْءُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا أَنْ يُؤْخَذَ بِجُمْلَتِهِ وَلَا يُتْرَكُ إلَّا بِدَلَالَةٍ عَنْهُ أَوْ مَنْ يَرْوِي الْحَدِيثَ عَنْهُ وَقَدْ يَذْهَبُ عَلَى مُعَاذٍ وَغَيْرِهِ بَعْضُ حَدِيثِهِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فَقِيلَ لَهُ لَقَلَّمَا رَأَيْتُك تَرَى أَنَّ لَك الْحُجَّةَ فِي شَيْءٍ إلَّا لَزِمَك مِثْلُهُ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ ثُمَّ زَعَمْت أَنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ ثُمَّ لَا يَمْنَعُك ذَلِكَ مِنْ الْعَوْدَةِ لِمِثْلِهِ فَإِنْ كَانَ هَذَا غَبَاءٌ فَلَوْ أَمْسَكْت عَنْ أَنْ تَحْتَجَّ وَإِنْ كَانَ هَذَا عَمْدًا أَنْ تُلْبِسَ عَلَى جَاهِلٍ فَهَذَا أَسْوَأُ لِحَالِك فِيمَا بَيْنَك وَبَيْنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَعَلَّهُ لَا يَسَعُك ذَلِكَ. وَقَدْ أَدْخَلْت عَالَمًا كَثِيرًا مِنْ أَهْلِ الْغَفْلَةِ وَالِاسْتِعْجَالِ بِأَنْ يَكُونُوا مُفْتِينَ فِي خِلَافِ كَثِيرٍ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَقَالَ مِنْهُمْ قَائِلٌ فَهَلْ رَوَيْت فِي مِيرَاثِ الْمُرْتَدِّ شَيْئًا عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُلْت إذْ أَبَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ الْكَافِرَ لَا يَرِثُ الْمُسْلِمَ وَكَانَ كَافِرًا فَفِي السُّنَّةِ كِفَايَةٌ مِنْ أَنَّ مَالَهُ مَالُ كَافِرٍ وَلَا وَارِثَ لَهُ فَإِنَّمَا هُوَ فَيْءٌ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ مُعَاوِيَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَتَبَ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَسْأَلُهُمَا عَنْ مِيرَاثِ الْمُرْتَدِّ فَقَالَا لِبَيْتِ الْمَالِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : يَعْنِيَانِ أَنَّهُ فَيْءٌ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَقَالَ فَكَيْفَ خَمَّسْته؟ قُلْت الْمَالُ ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ صَدَقَةٌ وَغَنِيمَةٌ قُوتِلَ عَلَيْهَا وَلَيْسَ بِوَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ وَفَيْءٌ قِسْمَتُهُ فِي سُورَةِ الْحَشْرِ بِأَنْ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خُمُسُهُ وَالْأَرْبَعَةُ الْأَخْمَاسِ لِجَمَاعَةِ أَهْلِ الْفَيْءِ قَالَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ فَإِنَّ مِنْ أَصْحَابِكُمْ مَنْ زَعَمَ «أَنَّ ابْنَ خَطَلٍ ارْتَدَّ فَقَتَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ تَسْمَعْ أَنَّهُ غَنِمَ مَالَهُ» فَقُلْت لَهُ أَنْتُمْ تَنْسِبُونَ أَنْفُسَكُمْ إلَى الصَّبْرِ عَلَى الْمُنَاظَرَةِ وَالنَّصَفَةِ وَتَنْسِبُونَ أَصْحَابَنَا إلَى الْغَفْلَةِ وَأَنَّهُمْ لَا يَسْلُكُونَ طَرِيقَ الْمُنَاظَرَةِ فَكَيْفَ صِرْت إلَى الْحُجَّةِ بِقَوْلٍ وَاحِدٍ هُوَ وَأَصْحَابُهُ عِنْدَك كَمَا تَصِفُ؟ قَالَ أَفَعَلِمْت أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَنِمَ مَالَ ابْنُ خَطَلٍ قُلْت وَلَا عَلِمْته وَرَّثَ وَرَثَتَهُ الْمُسْلِمِينَ وَلَا عَلِمْت لَهُ مَالًا، أَفَرَأَيْت إنْ جَازَ لَك أَنْ تُوهِمَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَغْنَمْهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ أَنَّهُ غَنِمَهُ أَيَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يُتَوَهَّمَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَنِمَهُ قَالَ نَعَمْ وَلَا يَجُوزُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا ثُمَّ يَجُوزُ لِثَالِثٍ أَنْ يَقُولَ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ ثُمَّ لَوْ أَجَزْت التَّوَهُّمَ جَازَ أَنْ يُقَالَ كَانَ لَهُ مَالٌ فَغَنِمَ بَعْضَهُ قَالَ لَا يَجُوزُ هَذَا. قَالَ فَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ أَصْحَابِك أَنَّ رَجُلًا ارْتَدَّ فِي عَهْدِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ فَلَمْ يَتَعَرَّضْ عُمَرُ لِمَالِهِ وَلَا عُثْمَانُ بَعْدَهُ قُلْنَا لَا نَعْرِفُ هَذَا ثَابِتٌ عَنْ عُمَرَ وَلَا عَنْ عُثْمَانَ وَلَوْ كَانَ خِلَافَ قَوْلِك وَبِمَا قُلْنَا أَشْبَهُ قَالَ فَكَيْفَ؟ قُلْت أَنْتَ تَزْعُمُ أَنَّهُ إذَا لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ قُسِمَ مَالُهُ وَتَرْوُونَ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ أَنَّهُمَا لَمْ يَقْسِمَاهُ وَتَقُولُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ وَقَدْ يَكُونُ بِيَدَيْ مَنْ وَثِقَ بِهِ أَوْ يَكُونُ ضَمِنَهُ مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ وَلَمْ يَبْلُغُهُ مَوْتُهُ فَيَأْخُذُهُ فَيْئًا؟
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : فَقَالَ مِنْهُمْ قَائِلٌ فَكَيْفَ قُلْت إذَا ارْتَدَّ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ لَمْ يَنْفَسِخْ النِّكَاحُ إلَّا بِمُضِيِّ الْعِدَّةِ؟ قُلْت قُلْته أَنَّهُ فِي مَعْنَى حُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ وَأَيْنَ؟ قُلْت إذَا كَانَ الزَّوْجَانِ الْوَثَنِيَّانِ مُتَنَاكِحَيْنِ فَأَسْلَمَ أَحَدُهُمَا فَحَرُمَ عَلَى الْآخَرِ قَالَ فَجَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُنْتَهَى بَيْنُونَةِ الْمَرْأَةِ مِنْ الزَّوْجِ أَنْ تَمْضِيَ عِدَّتَهَا قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ الْآخَرَ مِنْهُمَا إسْلَامًا بِدَلَالَةٍ عَنْهُ مِمَّنْ رَوَى الْحَدِيثَ كَانَ هَكَذَا الْمُسْلِمَانِ مُتَنَاكِحَيْنِ ثُمَّ أَحْدَثَ أَحَدُهُمَا مَا حَرَّمَ بِهِ عَلَى الْآخَرِ فَإِنْ رَجَعَ قَبْلَ مُضِيِّ عِدَّةِ الزَّوْجَةِ كَانَا عَلَى أَصْلِ النِّكَاحِ كَمَا كَانَ الْحَرْبِيَّانِ قَالَ فَهَلْ خَالَفَ هَذَا مِنْ أَصْحَابِكَ أَحَدٌ؟ فَقُلْت إنَّ أَحَدًا يَكُونُ قَوْلُهُ حُجَّةً فَلَا أَعْلَمُهُ وَأَصْحَابِي عِنْدَك كَمَا عَلِمْت فَمَا مَسْأَلَتُك عَنْ قَوْلِ مَنْ لَا تَعْتَدُّ بِقَوْلِهِ وَافَقَك أَوْ خَالَفَك