دَخَلَ بِلَادَ الْعَدُوِّ وَكَانَ فَارِسًا بَعْدَ انْقِطَاعِ الْحَرْبِ وَقَبْلَ جَمْعِ الْغَنِيمَةِ فَلَا يُسْهَمُ لَهُ بِسَهْمِ فَارِسٍ قَالَ: وَقَالَ: بَعْضُ النَّاسِ إذَا دَخَلَ بِلَادَ الْعَدُوِّ فَارِسًا، ثُمَّ مَاتَ فَرَسُهُ أُسْهِمَ لَهُ سَهْمُ فَارِسٍ، وَإِنْ أَفَادَ فَرَسًا بِبِلَادِ الْعَدُوِّ قَبْلَ الْقِتَالِ فَحَضَرَ عَلَيْهِ لَمْ يُسْهَمْ لَهُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : فَقِيلَ لَهُ: وَلِمَ أَسْهَمْت لَهُ إذَا دَخَلَ أَدْنَى بِلَادِ الْعَدُوِّ فَارِسًا، وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ الْقِتَالَ فَارِسًا؟ قَالَ: لِأَنَّهُ قَدْ يَثْبُتُ فِي الدِّيوَانِ فَارِسًا قِيلَ: فَقَدْ يَثْبُتُ هُوَ فِي الدِّيوَانِ فَإِنْ مَاتَ فَلَا يُسْهَمُ لَهُ إلَّا أَنْ يَمُوتَ بَعْدَمَا تُحْرَزُ الْغَنِيمَةُ قِيلَ: فَقَدْ أُثْبِتَ هُوَ وَفَرَسُهُ فِي الدِّيوَانِ فَزَعَمْت أَنَّ الْمَوْتَ قَبْلَ إحْرَازِ الْغَنِيمَةِ، وَإِنْ حَضَرَ الْقِتَالَ يُقْطَعُ حَظُّهُ فِي الْغَنِيمَةِ، وَإِنَّ مَوْتَ فَرَسِهِ قَبْلَ حُضُورِ الْقِتَالِ لَا يَقْطَعُ حَظَّهُ قَبْلَ فِعْلِهِ، وَقَدْ أَوْفَى أَدْنَى بِلَادِ الْعَدُوِّ قِيلَ: فَذَلِكَ كُلُّهُ يَلْزَمُك فِي نَفْسِهِ وَيَلْزَمُك فِي الْفَرَسِ أَرَأَيْت الْخُرَاسَانِيَّ، أَوْ الْيَمَانِيَّ يَقُودُ الْفَرَسَ لِلرُّومِ حَتَّى إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَدْنَى بِلَاد الْعَدُوِّ إلَّا مِيلٌ فَمَاتَ فَرَسُهُ أَيُسْهَمُ لِفَرَسِهِ؟ قَالَ: لَا قِيلَ فَهَذَا قَدْ تَكَلَّفَ مِنْ الْمُؤْنَةِ أَكْثَرَ مِمَّا يَتَكَلَّفُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الثُّغُورِ ابْتَاعَ فَرَسًا، ثُمَّ غَزَا عَلَيْهِ فَأَمْسَى بِأَدْنَى بِلَادِ الْعَدُوِّ، ثُمَّ مَاتَ فَرَسُهُ فَزَعَمْت أَنَّك تُسْهِمُ لَهُ، وَلَوْ كُنْت بِالْمُؤْنَةِ الَّتِي لَزِمَتْهُ فِي الْفَرَسِ تُسْهِمُ لَهُ كَانَ هَذَا أَوْلَى أَنْ تَحْرِمَهُ مِنْ الَّذِي تَكَلَّفَ أَكْثَرَ مِمَّا تَكَلَّفَ فَحَرَمْته
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَلَوْ حَاصَرَ قَوْمٌ مَدِينَةً فَكَانُوا لَا يُقَاتِلُونَ إلَّا رَجَّالَةً، أَوْ غَزَا قَوْمٌ فِي الْبَحْرِ فَكَانُوا لَا يُقَاتِلُونَ إلَّا رَجَّالَةً لَا يَنْتَفِعُونَ بِالْخَيْلِ فِي وَاحِدٍ مِنْ الْمَعْنَيَيْنِ أُعْطِي الْفَارِسُ سَهْمَ الْفَارِسِ لَمْ يَنْقُصْ مِنْهُ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَلَوْ دَخَلَ رَجُلٌ يُرِيدُ الْجِهَادَ فَلَمْ يُجَاهِدْ أُسْهِمَ لَهُ، وَلَوْ دَخَلَ أَجِيرٌ يُرِيدُ الْجِهَادَ، فَقَدْ قِيلَ: يُسْهَمُ لَهُ وَقِيلَ يُخَيِّرُ بَيْنَ أَنْ يُسْهَمَ لَهُ وَيَطْرَحَ الْإِجَارَةَ، أَوْ الْإِجَارَةِ، وَلَا يُسْهَمُ لَهُ، وَقَدْ قِيلَ: يُرْضَخُ لَهُ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَلَوْ انْفَلَتَ أَسِيرٌ فِي أَيْدِي الْعَدُوِّ قَبْلَ أَنْ تُحْرَزَ الْغَنِيمَةُ، فَقَدْ قِيلَ: لَا يُسْهَمُ لَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ قِتَالٌ فَيُقَاتِلُ فَأَرَى أَنْ يُسْهَمَ لَهُ، وَقَدْ قِيلَ: يُسْهَمُ لَهُ مَا لَمْ تُحْرَزْ الْغَنِيمَةُ، وَلَوْ دَخَلَ قَوْمٌ تُجَّارٌ فَقَاتَلُوا لَمْ أَرَ بَأْسًا أَنْ يُسْهَمَ لَهُمْ، وَقَدْ قِيلَ: لَا يُسْهَمُ لَهُمْ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : فَأَمَّا الذِّمِّيُّ غَيْرُ الْبَالِغِ وَالْمَرْأَةُ يُقَاتِلُونَ فَلَا يُسْهَمُ لَهُمْ وَيَرْضَخُ لَهُمْ وَكَانَ أَحَبَّ إلَيَّ فِي الذِّمِّيِّ لَوْ اُسْتُؤْجِرَ بِشَيْءٍ مِنْ غَيْرِ الْغَنِيمَةِ، أَوْ الْمَوْلُودُ فِي بِلَادِ الْحَرْبِ يُرْضَخُ لَهُ وَيُرْضَخُ لِمَنْ قَاتَلَ أَكْثَرَ مِمَّا يُرْضَخُ لِمَنْ لَمْ يُقَاتِلْ وَلَيْسَ ذَلِكَ عِنْدِي حَدٌّ مَعْرُوفٌ يُعْطَوْنَ مِنْ الْخُرْثِيِّ وَالشَّيْءِ الْمُتَفَرِّقِ مِمَّا يُغْنَمُ، وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ يُرْضَخُ لَهُمْ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ كَانَ مَذْهَبًا وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُرْضَخَ لَهُمْ مِنْ الْأَرْبَعَةِ الْأَسْهُمِ؛ لِأَنَّهُمْ حَضَرُوا الْقِتَالَ وَالسُّنَّة بِالرَّضْخِ لَهُمْ بِحُضُورِهِمْ كَمَا كَانَتْ بِالْإِسْهَامِ لِغَيْرِهِمْ بِحُضُورِهِمْ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : فَإِنْ جَاءَ مَدَدٌ لِلْمُسْلِمِينَ بِلَادَ الْحَرْبِ قَبْلَ أَنْ تَنْقَطِعَ الْحَرْبُ فَحَضَرُوا مِنْ الْحَرْبِ شَيْئًا قَلَّ، أَوْ كَثُرَ شُرِكُوا فِي الْغَنِيمَةِ، وَإِنْ لَمْ يَأْتُوا حَتَّى تَنْقَطِعَ الْحَرْبُ، وَلَا يَكُونُ عِنْدَ الْغَنِيمَةِ مَانِعٌ لَهَا لَمْ يُشْرِكُوهُمْ، وَلَوْ جَاءُوا بَعْدَمَا أُحْرِزَتْ الْغَنِيمَةُ، ثُمَّ كَانَ قِتَالٌ بَعْدَهَا فَإِنْ غَنِمُوا شَيْئًا حَضَرُوهُ شُرِكُوا فِيهِ، وَلَا يُشْرِكُونَ فِيمَا أُحْرِزَ قَبْلَ حُضُورِهِمْ، وَلَوْ أَنَّ قَائِدًا فَرَّقَ جُنْدَهُ فِي وَجْهَيْنِ فَغَنِمَتْ إحْدَى الْفِرْقَتَيْنِ، وَلَمْ تَغْنَمْ الْأُخْرَى، أَوْ بَعَثَ سَرِيَّةً مِنْ عَسْكَرٍ، أَوْ خَرَجَتْ هِيَ فَغَنِمَتْ فِي بِلَادِ الْعَدُوِّ، وَلَمْ يَغْنَمْ الْعَسْكَرُ، أَوْ غَنِمَ الْعَسْكَرُ، وَلَمْ تَغْنَمْ السَّرِيَّةُ شَرَكَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ صَاحِبَهُ؛ لِأَنَّهُ جَيْشٌ وَاحِدٌ كُلُّهُمْ رَدٌّ، لِصَاحِبِهِ قَدْ مَضَتْ خَيْلُ الْمُسْلِمِينَ فَغَنِمَتْ بِأَوْطَاسٍ غَنَائِمَ كَثِيرَةً وَأَكْثَرَ الْعَسْكَرُ: حُنَيْنٍ فَشَرِكُوهُمْ وَهُمْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَلَوْ كَانَ قَوْمٌ مُقِيمِينَ بِبِلَادِهِمْ فَخَرَجَتْ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ فَغَنِمُوا لَمْ يُشْرِكْهُمْ الْمُقِيمُونَ، وَإِنْ كَانَ مِنْهُمْ قَرِيبًا؛ لِأَنَّ السَّرَايَا كَانَتْ تَخْرُجُ مِنْ الْمَدِينَةِ فَتَغْنَمُ، وَلَا يُشْرِكُهُمْ أَهْلُ الْمَدِينَةِ، وَلَوْ أَنَّ إمَامًا بَعَثَ جَيْشَيْنِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَائِدٌ وَأَمَرَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَتَوَجَّهَ نَاحِيَةً غَيْرِ نَاحِيَةِ صَاحِبِهِ مِنْ بِلَادِ عَدُوٍّ غَنِمَ أَحَدُ الْجَيْشَيْنِ لَمْ يُشْرِكْهُمْ الْآخَرُونَ فَإِنْ اجْتَمَعُوا فَغَنِمُوا مُجْتَمِعِينَ فَهُمْ كَجَيْشٍ وَاحِدٍ وَيَرْفَعُونَ الْخُمُسَ إلَى الْإِمَامِ وَلَيْسَ وَاحِدٌ مِنْ الْقَائِدَيْنِ بِأَحَقَّ بِوِلَايَةِ الْخُمُسِ إلَى أَنْ يُوصِلَهُ إلَى الْإِمَامِ