ويقول ابن قدامة1 - رحمه الله -: "السحر عزائم ورقى وعقد، تؤثر في الأبدان، والقلوب، فيمرض، ويقتل، ويفرق بين المرء وزوجه، ويأخذ أحد الزوجين عن صاحبه"2. وهذا الذي عرفه ابن قدامه نوع من السحر يختلف عن النوع الذي قبله.
كما عُرف السحر بأنه: "مزاولة النفوس الخبيثة، لأفعال وأقوال، يترتب عليها أمور خارقة للعادة"3، وهذا نوع آخر.
وقيل إن المراد بالسحر أمر غريب يشبه الخارق، إذ يجري فيه التعلم، ويستعان في تحصيله بالتقرب إلى الشيطان بارتكاب القبائح قولاً كالرقى التي فيها ألفاظ الشرك، ومدح الشيطان، وتسخيره، وعملاً كعبادة الكواكب، والتزام الجنابة، وسائر الفسوق، واعتقاداً كاستحسان ما يوجب التقرب إليه، ومحبته إياه4.
وقد عد بعض العلماء أنواعاً كثيرة للسحر5، منها ما هو مذكور في التعريفات السابقة.
3 - معنى السحر عند الفلاسفة والمتكلمين:
السحر عند ابن سينا ومن تابعه، قوى نفسانية، تؤدي إلى أمور غريبة، تنبعث في عالم الطبيعة، مرادها الشر، حيث قال في إشاراته: "الأمور الغريبة تنبعث في عالم الطبيعة من مبادىء ثلاثة: أحدها: الهيئة النفسانية المذكورة، وثانيها: خواص الأجسام العنصرية، مثل جذب المغناطيس الحديد بقوة تخصه، وثالثها: قوى سماوية، بينها وبين أمزجة أجسام أرضية مخصوصة، بهيئات وضعية، أو بينها وبين قوى نفوس أرضية، مخصوصة بأحوال فلكية فعلية، أو انفعالية، تستتبع حدوث آثار غريبة. والسحر من قبيل القسم الأول، بل المعجزات،
والكرامات. والنيرنجيات6 من قبيل القسم الثاني.