ومن خلال النقول السابقة يمكن أن نتبين تعريف أهل السنة للإماتة وهو: أن الإماتة صفة فعلية قائمة بذات الرب - تعالى -، متعلقة بقدرته ومشيئته، اختص بها، وتعني إخراج الروح من الجسد، وسلب الحياة منه.
3 - معنى الإماتة عند المتكلمين:
عرف بعض الأشاعرة المميت بأنه: "جاعل الخلق ميتاً بسلب الحياة، وإحداث الموت فيه "1 وهو قول البيهقي، وقال في شعب الإيمان: "المميت ويختص بخلق الموت"2، وقال أبو السعود3 في تفسيره: "الإماتة جعل الشيء عادم الحياة"4.
وقد سبق أن ذكرت موقف الأشاعرة من صفات الأفعال للرب - تعالى -، وأنهم لا يقولون بقيامها في ذاته - سبحانه - بل يجعلونها هي المخلوق المنفصل. وكذلك الماتريدية لا يجعلون صفات الأفعال تقوم بمشيئة الرب واختياره، بل يجعلونها أزلية، ويجمعونها كلها في صفة واحدة هي التكوين.
وأما المعتزلة فمن يرى الموت عرضاً؛ كالقاضي عبد الجبار، وغيره، عرف الإماتة بأنها: "إبطال الحياة، وإزالتها، وتفريق البنية التي تحتاج هي في الوجود إليها"5. ومن يرى الموت جسماً قال: "الإماتة هي إدخال الله - عز وجل - الجسم المضاد للحياة عليها وحسها قائم"6. والمعتزلة لا يثبتون صفة الإماتة كصفة فعلية لله - تعالى -، بل يجعلونها مخلوقاً منفصلاً عن الله - تعالى -، كما ينفون غيرها من الصفات. وقد سبق الرد عليهم جميعاً في ذلك7.