ووجه هذا القول أن الموت سلب الحياة، ولا حياة للنطفة، ووجه القول الأول أن الموت قد يطلق على عادم الحياة من الأصل، وقد ذهب إلى تفسير الأول جمهور السلف"1.

وما ذهب إليه جمهور السلف هو الصحيح، فقد ورد في القرآن إطلاق لفظ الموت على الجماد، كالأصنام التي كان يعبدها المشركون، قال - تعالى -: {وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} [النحل20 - 21] قال المفسرون: "وهي هذه الأوثان التي تعبد من دون الله، أموات لا أرواح فيها "2.كما وصف الله الأرض بالميتة، قال - تعالى -: {وَآيَةٌ لَهُمْ الأَرْضُ الْمَيْتَةُ} [يس - 33] .

وقد اختلف في الموت هل هو وجودي أو عدمي، قال شيخ الإسلام - رحمه الله -: "وكثير من النزاع في ذلك يكون لفظياً، فإنه قد يكون عدم الشيء مستلزماً لأمر وجودي، مثل الحياة مثلاً فإن عدم حياة البدن مثلاً مستلزم لأعراض وجودية، والناس تنازعوا في الموت هل هو عدمي أو وجودي، ومن قال إنه وجودي احتج بقوله - تعالى - {خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ} [الملك - 2] ، فأخبر أنه خلق الموت، كما خلق الحياة. ومنازعه يقول العدم الطارئ يخلق كما يخلق الوجود، أو يقول الموت المخلوق هو الأمور الوجودية اللازمة لعدم الحياة وحينئذ فالنزاع لفظي"3.

وفي السنة ورد لفظ أمات ويميت ونحوها، فمن ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور" 4، "والمراد بأماتنا: النوم "5. وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت.." 6، والإماتة هنا تعني قبض الأرواح. وفي الحديث أيضاً قوله: "اللهم إني أول من أحيا أمرك إذ أماتوه" 7، ومعنى الإماتة هنا إبطال العمل بشرع الله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015