قبحه الله يخرج فيقف من بعيد وينظر ويبكي ويقول: من أمر هؤلاء العبيد بهذا؟ ثم اجتمع الناس في الجوامع ورفعوا المصاحف وصاروا إلى الله عز وجل واستغاثوا به فرّق لهم الترك والمشارقة، وانحازوا إليهم وقاتلوا معهم عن حريمهم ودورهم، وتفاقم الحال جدًا ثم ركب الحاكم لعنه الله ففصل بين الفريقين، وكف العبيد عنهم، وكان يظهر التنصل مما فعله العبيد وأنّهم ارتكبوا ذلك من غير علمه وإذنه، وكان ينفذ إليهم السلاح ويحثهم على ذلك في الباطن، وما انجلى الأمر حتى احترق من مصر نحو ثلثها، ونهب قريب من نصفها، وسبيت نساء وبنات كثيرة وفعل معهن الفواحش والمنكرات، حتى أن منهن من قتلت نفسها خوفًا من العار والفضيحة، واشترى الرجال منهم من سبى لهم من النساء والحريم.
قال ابن الجوزي: ثم ازداد ظلم الحاكم حتى عنّ له أن يدّعي الربوبية، فصار قوم من الجهال إذا رأوه يقولون: يا واحد يا أحد، يا محيي يا مميت، قبحهم الله جميعًا.
كان قد تعدى شره إلى الناس كلهم حتى إلى أخته، وكان يتهمها بالفاحشة، ويسمعها أغلظ الكلام، فتبرمت منه وعملت على قتله، فراسلت أكبر الأمراء أميرًا يقال له: ابن دواس، فتوافقت هي وهو على قتله ودماره وتواطآ على ذلك، فجهز من عنده عبدين أسودين شهمين وقال لهما: إذا كانت الليلة الفلانية فكونا في جبل المقطم، ففي تلك الليلة يكون الحاكم هناك في الليل لينظر في النجوم وليس معه أحد إلا ركابي