بالمعاد والعقاب، وذكر فيها أن الجنة نعيم في الدنيا، وأن العذاب إنما هو اشتغال أصحاب الشرائع بالصلاة والصيام والحج والجهاد. وقال أيضًا في هذه الرسالة: إن أهل الشرائع يعبدون إلهًا لا يعرفونه ولا يحصلون منه إلا على اسم بلا جسم. وقال أيضًا: أكرم الدهرية فإنّهم منا ونحن منهم. وفي هذا تحقيق نسبة الباطنية إلى الدهرية.

إلى أن قال عبد القاهر رحمه الله: والباطنية يرفضون المعجزات وينكرون نزول الملائكة من السماء بالوحي والأمر والنهي، بل ينكرون أن يكون في السماء ملك، وإنما يتأولون الملائكة على دعاتهم إلى بدعتهم، ويتأولون الشياطين على مخالفيهم، ويزعمون أن الأنبياء قوم أحبوا الزعامة فساسوا العامة بالنواميس والحيل، طلبًا للزعامة بدعوى النبوة والإمامة.

إلى أن قال عبد القاهر رحمه الله: ثم تأولوا لكل ركن من أركان الشريعة تأويلاً يورث تضليلاً، فزعموا أن معنى الصلاة موالاة إمامهم، والحج زيارته، وإدمان خدمته، والمراد بالصوم الإمساك عن إفشاء سر الإمام دون الإمساك عن الطعام، والزنى عندهم إفشاء سرهم بغير عهد وميثاق، وزعموا أن من عرف معنى العبادة سقط عنه فرضها، وتأولوا في ذلك قوله تعالى: {واعبد ربّك حتىّ يأتيك اليقين (?)}، وحملوا اليقين على معرفة التأويل.

وقد قال القيرواني في رسالته إلى سليمان بن الحسن: إني أوصيك بتشكيك الناس في القرآن، والتوراة، والزبور، والإنجيل، وبدعوتهم إلى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015