القرآن وسنن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- على موافقة أساسهم.
وبيان ذلك أن الثنوية زعمت أن النور والظلمة صانعان قديمان، والنور منهما فاعل الخير والمنافع، والظلام فاعل الشر والمضار، وأن الأجسام ممتزجة من النور والظلمة، وكل واحد منهما مشتمل على أربع طبائع وهي الحرارة والبرودة، والرطوبة واليبوسة، والأصلان الأولان مع الطبائع الأربع مدبرات هذا العالم، وشاركهم المجوس في اعتقاد صانعين غير أنّهم زعموا أن أحد الصانعين قديم وهو الإله الفاعل للخيرات، والآخر شيطان محدث فاعل للشرور، وذكر زعماء الباطنية في كتبهم أن الإله خلق النفس، فالإله هو الأول، والنفس هو الثاني، وربما سموهم العقل والنفس، ثم قالوا: إنّهما يدبران هذا العالم بتدبير الكواكب السبعة، والطبائع الأول.
وقولهم (إن الأول والثاني يدبران العالم) هو بعينه قول المجوس بإضافة الحوادث لصانعين أحدهما قديم والآخر محدث، إلا أن الباطنية عبرت عن الصانعين بـ (الأول والثاني)، وعبر المجوس عنهما بـ (يزدان ويهرمن)، فهذا هو الذي يدور في قلوب الباطنية، ووضعوا أساسًا يؤدي إليهم.
إلى أن قال: ثم إن الباطنية لما تأولت أصول الدين على الشرك؛ احتالت أيضًا لتأويل أحكام الشريعة على وجوه تؤدي إلى رفع الشريعة أو إلى مثل أحكام المجوس، والذي يدل على أن هذا مرادهم بتأويل الشريعة أنّهم قد أباحوا لأتباعهم نكاح البنات والأخوات، وأباحوا شرب الخمر وجميع اللذات.