وأولد حرب بن نهم جشم وحريباً وحشيراً وبدراً والأملح وبارقاً والهيثم وبشراً والسنا. فمن بارق بن حرب آل مروح أشراف نهم في أقيال ملح وبران وبنو إبراهيم وبنو حشيش. ومن آل الهيثم وآل موسى وآل عمران وآل مطرف. ومن آل بشر بنو الضحاك وبنو عبد الله وبنو ماجد. ومن آل السنا بنو محمد وبنو علي وبنو الذيال. ودخلت بنو حريب في بني شهر، منهم بنو العريان، وهاجر العريان واسمه حارث وشهد بعض أيام النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقاتل في إزار بقوس وقرن، فقال النبي صلى الله عليه وسلم من هذا العريان؟ فسمي العريان. وله طعمة بجوف المحورة ودخل معه في الطعمة النجدات. وجوف المحورة: بستان، فالقرى، فالقرطة وهم جوف مراد. ومن ها هنا رأى بعض نساب همدان أن النسا والهيثم والعريان بنو نجدة بن شهر.
وأولد جشم بن حرب ربيعة، فأولد ربيعة عبداً، فأولد عبد جعالاً، وكان مكيناً عند تبع، وملكه على بكيل، وله معه أخبار عجيبة يطول ذكرها، وهو القائل:
بنى لنا أولونا فوق عالية ... مجداً دعائمه من تحته زلق
حتى استوينا على أشراف رابية ... عند الثريا بها الأرواح تختفق
لا يفتح الناس باباً حين نغلقه ... ولا يكون لباب دوننا غلق
الناس أرض ونحن السقف فوقهم ... نحن السماء وهم من تحتنا خلقوا
إن نحصر الرأي لا ينظر به أحد ... وإذ نغب عن ظهور الحي يرتفقوا
خالي يزيد أبو بشر به هُزمت ... جيش العكارة إذا أرداهم الحمق
والقصيدة أكثر من هذا. ويقال أن هذا البيت الآخر لعمرو بن براقة وقدمت إلى جعال جذام في حمالات كانت بينهم وبين إخوتهم بني عدي بن الحارث بن مرة بن أدد فقال: وكم مبلغ ما جئتم تسألونني؟ قالوا: نسألك ألفي ناقة وأربعمائة، فحمل لهم بها وقال:
لقد علمت أفناء قحطان أننا ... إلينا يصير المجد في كل مجمع
وأنا قبيلٌ في عصانا صلابة ... إذا زعزعت أحلامنا لم تزعزع
ويوم جذام قد كفيت عشيرتي ... حملت بألفي ناقة وبأربع
فلم يبلغوا جهدي، ولكن حملتها ... على كاهل مني ذلول موقع
بأكلبها سلمتها ورعاتها ... وذلك من كل بمرأى ومسمع
ولو حملوني ضعفها لحملتها ... عليّ ولم أنكل ولم أتخشّع
ومن شعراء بني حرب حراب بن الورد بن الحراث وهو القائل.
ألا هل أتى القبائل من بكيل ... وأفنا حاشد خبر الخبير
بأنا قد جلونا العار منها ... ومنهم بالمهندة الذكور
بقتل منّبه وبني عصاص ... وحرب جذّ أوباش العكور
بكل أغرّ حربيّ نجيد ... وأبيض صارم لون الغدير
يطايرن الأكفّ عن التراقي ... كشذّان الجراد لدى المطير
صبحناهم بأحصد مستكفّ ... كهضب القور أشرق من هجير
كأن القوم حسين تنطقوهم ... ذرى قشعان أو حيدى وعير
قشعان وحيدى وعير جبلان في غائط الجوف.
قتلنا من يحق القتل منهم ... وأبنا بالسلاب وبالأسير
وسقنا كل مُقربة كناز ... وكوماء تدافع في الجرير
ومن حول وماخضة وعوذ ... حوانٍ نحو أسقبهن حور
إذا انبعثت تبادر قادماها ... بشحّاب تخور به درور
فلما أن بلغنا حيث شئنا ... وكنا بين أهبة والوتير
ضربنا السهم في خرد حسان ... ومال من بعولتها كثير
وجانبنا خصائص من رجال ... ونصّبنا المراجل للقدور
وبيّعنا غواليها برخص ... وأرسلنا الجزارة في الوفور
انقضت أنساب نهم، وانقضى بانقضائها نسب همدان وتصرم به كتاب الإكليل من أخبرا اليمن وأنساب حمير.
والحمد الله رب العالمين وصلواته على سيدنا محمد وآله الطاهرين، وسلامه.