وفي امتناع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يصلي عَلَى الرجل قبل ضمان أبي قتادة الدينارين عَنْهُ، وفي صلاته عليه بعد ضمان ذَلِكَ دليل عَلَى صحة ضمان أبي قتادة، وعلى وجوب الضمان عَلَى الضامن ترك الميت مالا أم لم يتركه.
وجاء الحديث عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أنه قَالَ: «الدين مقضي والزعيم غارم» .
والزعيم الحميل، وكذلك الكفيل والقبيل، وهي أسماء لمعنى واحد، فإذا ضمن الرجل المال عن الرجل وجب المال عَلَى الضامن ولم يبرأ الذي عليه الدين، فلرب المال أن يأخذ أيهما شاء، والدليل عَلَى ذَلِكَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سأل أبا قتادة بعد ضمانه، فَقَالَ: «أقضيت عَنْهُ؟» قَالَ: نعم.
قَالَ: «الآن قد بردت عن جلده» .
فإذا ضمن الرجل عن الرجل المال، وأدى ذَلِكَ إِلَى الطالب نظر، فإن كَانَ ضمانه عَنْهُ بأمره رجع بالشيء عليه، وإن كَانَ ضمن ذَلِكَ بغير أمره لم يرجع عليه وكان متطوعا بالضمان.
وإذا احتال الرجل بالمال يكون لَهُ عَلَى الرجل فقد تحول المال عن الذي كَانَ عليه إِلَى المحال عليه، وَلا سبيل للمحتال بالمال إِلَى صاحبه الأول بإفلاس الذي أحيل عليه بالمال أو موته، وذلك أن الحق إذا تحول لم يجز رده إِلَى الذي أحال بغير حجة، وَلا نعلم