أجمع أهل العلم عَلَى أن البينة عَلَى المدعي واليمين عَلَى المدعى عليه.
ومعنى قوله: «البينة عَلَى المدعي» .
أن يستحق بها لا أنها واجبة عليه يؤخذ بها، وكذلك قوله: «واليمين عَلَى المدعى عليه» .
أي: يبدأ بها لا أنه يؤخذ بها عَلَى كل حال، فإذا تقدم الخصمان إِلَى الحاكم فادعى أحدهما عَلَى صاحبه شيئا نظر فيما يدعيه، فإذا كَانَ ذَلِكَ معلوما سأل المدعى عليه عما ادعاه، فإن أقر به غرم ذَلِكَ وإلا سأل المدعي الحاكم إثبات ذَلِكَ فِي كتاب أثبته لَهُ وأشهد عليه، وإن سأله أن يرفع إليه مَا أقر لَهُ به أمره برفعه، فإن فعل برئ، وإن امتنع من ذَلِكَ وسأل حبسه حبس فِي قول أكثر أهل العلم إلا أن يعلم الحاكم أنه معدم، فإذا علم ذَلِكَ لم يكن لَهُ حبسه، لقوله جل ذكره: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: 280] .
فإن أنكر المدعى عليه مَا ادعاه المدعي سأل المدعي بينة تشهد لَهُ بما ادعاه، فإن أتاه بشاهدين أو رجل وامرأتين يشهدون لَهُ بما ادعاه قضى لَهُ بحقه، فإن ذكر أنه لا بينة لَهُ وسأل استحلافه استحلف لَهُ.
يستحلف الحاكم المدعى عليه بالله الذي لا إله إلا هو مَا لفلان بن فلان هذا قبلك وَلا عندك وَلا عليك هذا المال الذي ادعاه وَلا شيء منه.