(لَا يَتَنَجَّس الْكثير إِلَّا بالتغيير بِالنَّجَاسَةِ) (أَو كَانَ كثيرا) بِأَن بلغ قُلَّتَيْنِ فَأكْثر (فَتغير) بِسَبَب النَّجَاسَة لِخُرُوجِهِ عَن الطاهرية وَلَو كَانَ التَّغَيُّر يَسِيرا حسيا أَو تقديريا فَهُوَ نجس بِالْإِجْمَاع الْمُخَصّص لخَبر الْقلَّتَيْنِ الْآتِي وَلخَبَر التِّرْمِذِيّ وَغَيره المَاء لَا يُنجسهُ شَيْء كَمَا خصصه مَفْهُوم خبر الْقلَّتَيْنِ الْآتِي فالتغير الْحسي ظَاهر

(حَقِيقَة التَّغْيِير التقديري) والتقديري بِأَن وَقعت فِيهِ نَجَاسَة مائعة توافقه فِي الصِّفَات كبول انْقَطَعت رَائِحَته وَلَو فرض مُخَالفا لَهُ فِي أغْلظ الصِّفَات كلون الحبر وَطعم الْخلّ وريح الْمسك لغيره فَإِنَّهُ يحكم بِنَجَاسَتِهِ فَإِن لم يتَغَيَّر فطهور لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا بلغ المَاء قُلَّتَيْنِ لم يحمل الْخبث قَالَ الْحَاكِم على شَرط الشَّيْخَيْنِ

وَفِي رِوَايَة لأبي دَاوُد وَغَيره بِإِسْنَاد صَحِيح فَإِنَّهُ لَا ينجس وَهُوَ المُرَاد بقوله لم يحمل الْخبث أَي يدْفع النَّجس وَلَا يقبله وَفَارق كثير المَاء كثير غَيره فَإِنَّهُ ينجس بِمُجَرَّد ملاقاة النَّجَاسَة بِأَن كَثِيره قوي ويشق حفظه عَن النَّجس بِخِلَاف غَيره وَإِن كثر

تَنْبِيهَانِ الأول لَو شكّ فِي كَونه قُلَّتَيْنِ وَوَقعت فِيهِ نَجَاسَة هَل ينجس أَو لَا ينجس رأيان أصَحهمَا الثَّانِي بل قَالَ النَّوَوِيّ فِي شرح الْمُهَذّب الصَّوَاب أَنه لَا ينجس إِذْ الأَصْل الطَّهَارَة وشككنا فِي نَجَاسَة منجسة وَلَا يلْزم من حُصُول النَّجَاسَة التَّنْجِيس

الثَّانِي لَو تغير بعض المَاء فالمتغير كنجاسة جامدة لَا يجب التباعد عَنْهَا بقلتين وَالْبَاقِي إِن قل فنجس وَإِلَّا فطاهر فَلَو غرف دلوا من مَاء قُلَّتَيْنِ فَقَط وَفِيه نَجَاسَة جامدة لم تغيره وَلم يغرفها مَعَ المَاء فباطن الدَّلْو طَاهِر لانفصال مَا فِيهِ عَن الْبَاقِي قبل أَن ينقص عَن قُلَّتَيْنِ لَا ظَاهرهَا لتنجسه بِالْبَاقِي الْمُتَنَجس بِالنَّجَاسَةِ لقلته فَإِن دخلت مَعَ المَاء أَو قبله فِي الدَّلْو انعكس الحكم

فَائِدَة تَأْنِيث الدَّلْو أفْصح من تذكيره

(القَوْل فِي حكم زَوَال التَّغْيِير) فَإِن زَالَ تغيره الْحسي أَو التقديري بِنَفسِهِ بِأَن لم يحدث فِيهِ شَيْء كَأَن زَالَ بطول الْمكْث أَو بِمَاء انْضَمَّ إِلَيْهِ بِفعل أَو غَيره أَو أَخذ مِنْهُ وَالْبَاقِي قلتان طهر لزوَال سَبَب التَّنْجِيس

فَإِن زَالَ تغيره بمسك أَو نَحوه كزعفران أَو بِتُرَاب لم يطهر لأَنا لَا نَدْرِي أَن أَوْصَاف النَّجَاسَة زَالَت أَو غلب عَلَيْهَا مَا ذكر فاستترت وَيسْتَثْنى من النَّجس ميتَة لَا دم لَهَا سَائل أَصَالَة بِأَن لَا يسيل دَمهَا عِنْد شقّ عُضْو مِنْهَا فِي حَيَاتهَا كزنبور وعقرب ووزغ وذباب وقمل وبرغوث لَا نَحْو حَيَّة وضفدع وفأرة فَلَا تنجس مَاء أَو غَيره بوقوعها فِيهِ بِشَرْط أَن لَا يَطْرَحهَا طارح وَلم تغيره لمَشَقَّة الِاحْتِرَاز عَنْهَا وَلخَبَر البُخَارِيّ إِذا وَقع الذُّبَاب فِي شراب أحدكُم فليغمسه كُله ثمَّ لينزعه فَإِن فِي أحد جناحيه دَاء أَي وَهُوَ الْيَسَار كَمَا قيل وَفِي الآخر شِفَاء زَاد أَبُو دَاوُد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015