(و) مثل المَاء الْمُسْتَعْمل المَاء (الْمُتَغَيّر) طعمه أَو لَونه أَو رِيحه (بِمَا) أَي بِشَيْء (خالطه من) الْأَعْيَان (الطاهرات) الَّتِي لَا يُمكن فصلها المستغنى عَنْهَا كمسك وزعفران وَمَاء شجر ومني وملح جبلي تغيرا يمْنَع إِطْلَاق اسْم المَاء عَلَيْهِ سَوَاء كَانَ المَاء قَلِيلا أم كثيرا لِأَنَّهُ لَا يُسمى مَاء وَلِهَذَا لَو حلف لَا يشرب مَاء أَو وكل فِي شِرَائِهِ فَشرب ذَلِك أَو اشْتَرَاهُ لَهُ وَكيله لم يَحْنَث وَلم يَقع الشِّرَاء لَهُ وَسَوَاء أَكَانَ التَّغَيُّر حسيا أم تقديريا
(حَقِيقَة التَّغْيِير التقديري) حَتَّى لَو وَقع فِي المَاء مَائِع يُوَافقهُ فِي الصِّفَات كَمَاء الْورْد الْمُنْقَطع الرَّائِحَة فَلم يتَغَيَّر وَلَو قدرناه بمخالف وسط كلون الْعصير وَطعم الرُّمَّان وريح اللاذن لغيره ضرّ بِأَن تعرض عَلَيْهِ جَمِيع هَذِه الصِّفَات لَا الْمُنَاسب للْوَاقِع فِيهِ فَقَط وَلَا يقدر بالأشد كلون الحبر وَطعم الْخلّ وريح الْمسك بِخِلَاف الْخبث لغلظه أما الْملح المائي فَلَا يضر التَّغَيُّر بِهِ وَإِن كثر لِأَنَّهُ مُنْعَقد من المَاء وَالْمَاء الْمُسْتَعْمل كمائع فيفرض مُخَالفا وسطا للْمَاء فِي صِفَاته لَا فِي تَكْثِير المَاء فَلَو ضم إِلَى مَاء قَلِيل فَبلغ قُلَّتَيْنِ صَار طهُورا وَإِن أثر فِي المَاء بفرضه مُخَالفا
وَلَا يضر تغير يسير بطاهر لَا يمْنَع الِاسْم لتعذر صون المَاء عَنهُ ولبقاء إِطْلَاق اسْم المَاء عَلَيْهِ وَكَذَا لَو شكّ فِي أَن تغيره كثير أَو يسير نعم إِن كَانَ التَّغَيُّر كثيرا ثمَّ شكّ فِي أَن التَّغَيُّر الْآن يسير أَو كثير لم يطهر عملا بِالْأَصْلِ فِي الْحَالَتَيْنِ قَالَه الْأَذْرَعِيّ وَلَا يضر تغير بمكث وَإِن فحش التَّغَيُّر وطين وطحلب وَمَا فِي مقره وممره ككبريت وزرنيخ ونورة لتعذر صون المَاء عَن ذَلِك وَلَا يضر أوراق شَجَرَة تناثرت وتفتتت واختلطت وَإِن كَانَت ربيعية أَو بعيدَة عَن المَاء لتعذر صون المَاء عَنْهَا إِن طرحت وتفتتت أَو أخرج مِنْهُ الطحلب أَو الزرنيخ ودق نَاعِمًا وَأُلْقِي فِيهِ فَغَيره فَإِنَّهُ يضر أَو تغير بالثمار الساقطة فِيهِ لِإِمْكَان التَّحَرُّز عَنْهَا غَالِبا
(حَقِيقَة الْفرق بَين المخالط والمجاور) وَاحْترز بِقَيْد المخالط عَن المجاور الطَّاهِر كعود ودهن وَلَو مطيبين وكافور صلب فَلَا يضر التَّغَيُّر بِهِ لِإِمْكَان فَصله وَبَقَاء اسْم الْإِطْلَاق عَلَيْهِ
وَكَذَا لَا يضر التَّغَيُّر بِتُرَاب وَلَو مُسْتَعْملا طرح لِأَن تغيره مُجَرّد كدورة فَلَا يمْنَع إِطْلَاق اسْم المَاء عَلَيْهِ نعم إِن تغير حَتَّى صَار لَا يُسمى إِلَّا طينا رطبا ضرّ وَمَا تقرر فِي التُّرَاب الْمُسْتَعْمل هُوَ الْمُعْتَمد وَإِن خَالف فِيهِ بعض الْمُتَأَخِّرين
(القَوْل فِي أَقسَام المَاء الْمُتَنَجس) (و) رَابِعهَا (مَاء نجس) أَي مُتَنَجّس (وَهُوَ الَّذِي حلت فِيهِ) أَو لاقته (نَجَاسَة) تدْرك بالبصر (وَهُوَ) قَلِيل (دون الْقلَّتَيْنِ) بِثَلَاثَة أَرْطَال فَأكْثر سَوَاء تغير أم لَا لمَفْهُوم حَدِيث الْقلَّتَيْنِ الْآتِي وَلخَبَر مُسلم إِذا اسْتَيْقَظَ أحدكُم من نَومه فَلَا يغمس يَده فِي الْإِنَاء حَتَّى يغسلهَا ثَلَاثًا فَإِنَّهُ لَا يدْرِي أَيْن باتت يَده نَهَاهُ عَن الغمس خشيَة النَّجَاسَة وَمَعْلُوم أَنَّهَا إِذا خفيت لَا تغير المَاء فلولا أَنَّهَا تنجسه بوصولها لم يَنْهَهُ