بسم الله الرحمن الرحيم
وبه أستعين, والحمد لله رب العالمين
قال الأستاذ الأجل أبو جعفر أحمد بن علي المقرئ -رضي الله عنه:
الحمد لله الذي لم يجمع العلم لإنسان، ولا قصره على مكان، ولا حصره بزمان، بل بثه تعالى في العباد والبلاد، ونقله عن الآباء إلى الأولاد، وجعله ينابيع تطرد، ومصابيح تتقد، في التهائم والنجاد، ففي كل قاصية منه هدى ونور، ولواء منشور، وملأ مشهود محصور.
وصلى الله على من شق الإيمان من إيمانه، ويسر القرآن بلسانه، واختاره لأدائه وبيانه، صلاة زاكية ترضيه، وتوفي حقه وتقضيه، وعلى أصحابه الذين تلقوه من فيه رطبا غضا1، ورقوه إلينا صريحا محضا، وعلى تابعيهم الذين اتبع في هداه بعضهم بعضا.
وبعد:
فإن العلم يتفاوت ويتفاضل، والعلماء تتبارى2 وتتناضل، وإن كان لكل مرتبة وقدر، فلحملة القرآن سنام3 وغارب وصدر، يعرف لهم ذلك أهل الإيمان، ولا ينكره مقر بالرحمن؛ لأنهم لكلام الله تعالى منتدبون، وبنجوم الوحي مقتدون، ولأمانته مؤدون، وبما عند الله مكتفون، ولأثر رسوله -صلواته وسلامه عليه- مقتفون، يفضل فضلا فيجرعون، ويرفع رجلا فيضعون، ويشير فينثالون، وينطق