...
باب الإمالة:
معنى الإمالة أن تنتحي بالفتحة نحو الكسرة انتحاء خفيفا، كأنه واسطة بين الفتحة والكسرة، فتميل الألف من أجل ذلك نحو الياء، ولا تستعلي كما كانت تستعلي قبل إمالتك الفتحة قبلها نحو الكسرة، والغرض بها أن يتشابه الصوت مكانها، ولا يتباين.
وجعلنا باب الإمالة إلى جنب باب الإدغام للمشابهة التي بينهما؛ لأن الإدغام تقريب حرف من حرف، والإمالة كذلك.
وللإمالة أسباب توجبها، قد حصرها أبو بكر بن السراج في أصوله، وفيما نقل أبو علي عنه1، إلى ستة أسباب وهي: كسرة تكون قبل الألف أو بعدها، وياء، وألف منقلبة عن الياء2، وألف مشبهة بالألف المنقلبة عن الياء، وكسرة تعرض في بعض الأحوال، وإمالة لإمالة.
فهذه هي الأسباب الموجبة للإمالة، ما لم يمنع من ذلك الحروف المستعلية أو الراء غير مكسورة.
قال لي أبي -رضي الله عنه: وهذه الأسباب منفكّة من كلام سيبويه، وأخبرنا أبي -رضي الله عنه- أن سيبويه زاد ثلاثة أسباب شاذة، وهي إمالة الألف المشبهة بالألف المنقلبة، والإمالة للفرق بين الاسم والحرف، والإمالة لكثرة الاستعمال.
ونظرنا إلى ما اختلف فيه القراء، فأماله بعض، وفتحه بعض، وجعله بعض بين بين من الكلم، فوجدنا تحت كل سبب من هذه الأسباب مطردها وشاذها شيئا مختلفا فيه، إلا الياء وحدها، فرأينا أن نسوق الخلاف على هذه الأسباب، ونحصر في كل سبب ما وقع فيه من الخلاف، فيكون بذلك القارئ للترجمة قد علم السبب