أحدهما: أنه لم يرد وقوع الويح، ولكنها كلمة كانت جارية على ألسنة العرب يقولونها عند استحثاث الرجل، وعند الإنكار عليه، وهم لا يريدون وقوع المكروه به، وهذا كقوله صلى الله عليه وسلم في صفية بنت حيي حين قيل له: إنها حاضت، وذلك يوم النفر، فقال: "عقراً حلقاً ما أراها إلا حابستنا" معناه: عقرها الله عقراً، وحلقها حلقاً، أي: عقر جسدها واصابها بوجع في حلقها. وأهل الحديث يقولون: عقرى حلقى ويجعلونهما اسمين مقصورين، والمعروف عند اللغويين هو الأول، إنما هما مصدران منونان، منصوبان بفعلين مضمرين، كما يقال سقياً ورعياً، فلم يرد صلى الله عليه وسلم وقوع ذلك، وإنما هو كلام خرج مخرج الضجر والتبرم من غير إرادة مكروه بالمقول فيه، ونحوه قوله: "فعليك بذات الدين تربت يداك" و"تربت يمينك ومن أين يكون الشبه؟ ".
والقول الثاني: أنه دعاء على وجهه، غير أنه عليه السلام قد تقدم قبل ذلك، فقال: "اللهم إنما أنا بشر فمن دعوت عليه بدعوة فاجعل دعوتي عليه رحمة له". القول الأول: أشبه بكلام العرب؛ ألا ترى أنهم يقولون: لا أبا لك، ولا أم لك، وأخزاه الله ما أشعره، ولعنه الله ما أفصحه، ولا يراد تحقيق شيء من ذلك. قال كعب بن سعد الغنوي يرثي أخاه: