السمن إذا أسلمه فيما يوزن لم يصح؛ لأنه وزن في وزن. قال: والذي يعرف به أصل الكيل والوزن أن كل ما لزمه اسم المكوك والقفيز والصاع فهو كيل، وكل ما لزمه الأرطال والأواقي فهو وزن. ألا تسمع إلى حديث عمر حين قال في [عام] الرمادة، وكان يأكل الخبز بالزيت فقرقر بطنه، فقال: "قرقر ما شئت ولا يزال هذا دأبك ما دام السمن يباع بالأواقي". قال: فهذا يبين أن السمن في الأصل وزن إلا أن يريد بالأرطال المكاييل، فإن المكيال قد يسمى رطلاً. ودعاء إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام ما حكاه الله تعالى عنه في سورة "البقرة" وسورة "إبراهيم": {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً آمِناً [وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنْ الثَّمَرَاتِ]}، {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ ...} الآية. وأما الفائدة في ذكر الصاع والمد، وهما داخلان في المكيال، فإن العرب إذا أرادت المبالغة في العناية بالشيء جعلت له لفظاً يختص به، فيكون ذلك أبلغ في المعنى، فيقول القائل: أبلغ إخواني عني السلام وفلاناً وفلاناً، وتقدم نحو هذا، والاستشهاد عليه من قوله تعالى: {مَنْ كَانَ عَدُوّاً لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ}، وقوله [تعالى]: {فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ (68)}