وقال كثير:
غمر الرداء إذا تبسم ضاحكاً ... عتقت بضحكته رقاب المال
فإن قيل: ذكر رقابها وهو يريد ذواتها كلها، فقد دخلت ظهورها في ذلك، فما الوجه في ذكر الظهر؟ قيل: يحتمل معنيين:
أحدهما: أن يكون ذكر الظهور تتميماً للمعنى؛ لأن العرب تشبه الحق الملتزم بما يتقلد في العنق، وبما يعصب به الرأس، وبما يحمل على الظهر، فيقولون: أثقلت ظهري ببرك، أي: حملتني براً أعجز عن النهوض به.
والوجه الثاني: أنه أفرد ظهورها بالذكر تنويهاً وتشريفاً لها؛ لأن الخيل، وإن كان لها حقوق، فأجلها: ركوب ظهورها، والغزو عليها، وتقدم مراراً أن العرب إذا أرادت تشريف شيء جعلت له ذكراً تخصه به، كقوله تعالى: {فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ (68)}.
- وقوله: "ونواء لأهل الإسلام" يقال: ناوأت الرجل مناوأة ونواء؛ إذا عاديته وغالبته. وسمي مناوءة ونواء؛ لأن كل واحد من المتعاديين ينوء إلى صاحبه، أي: ينهض إلى حربه في بطء وتثاقل، قال بشر بن أبي خازم:
بلت قتيبة في النواء بفارس ... لا طائش رعش ولا وقاف