والسرحة في هذا البيت وبيت حميد بن ثور كناية عن امرأة، وكان عمر ابن الخطاب رضي الله عنه عهد إلى الشعراء أن لا يشبب رجل منهم بامرأة وتوعدهم على ذلك، فكان الشعراء يكنون عن النساء بالشجر وغيرها، ولذلك قال حميد قبل هذا البيت:
سقى السرحة المحلال والأبرق الذي ... به الشرى غيث دائم وبروق
وهل أنا إن عللت نفسي بسرحة ... من السرح موجود على طريق
ويروى إلى. والأفنان: الأغصان، واحدها فنن. والأفنان أيضاً: الأنواع واحدها فن، تروق: تعجب. وإنما جعل (على) في هذا البيت زائدة لأن راق يروق لا يحتاج في تعديه إلى حرف جر إنما يقال: راقني الشيء يروقني، فالمعنى يروق كل أفنان، وقد يجوز أن يقدر في البيت محذوف كأنه قال أبي الله إلا أن أفنان سرحة مالك. وقد يكون قوله (على كل أفنان العضاه) في موضع خبر أن كما تقول أبى الله إلا أن فضل زيد على كل فضل، أي ظاهر على كل فضل، ويكون تروق خبراً ثانياً لأن أن في موضع نصب على الحال، فالأفنان على هذا القول جمع فنن وهو الغصن، وعلى القول الذي حكاه ابن قتيبة وهو قول يعقوب ينبغي أن يكون جمع فن وهو النوع، كأنه قال: تروق كل أنواع العضاه، وقد يمكن أن يقدر في صدر البيت من الحذف ما ذكرناه، فتكون الأفنان الأغصان، كما أنه يجوز في القول الثاني أن تكون الأفنان الأنواع ولا تقدر محذوفاً.
* * *