وأنشد ابن قتيبة في هذا الباب:

(298)

(دع المغمر لا تسأل بمصرعه ... واسأل بمصقلة البكرى ما فعلا)

البيت للأخطل من شعر يمدح به مصقلة بن هبيرة أحد بني ثعلبةبن شيبان والمغمر ههنا: الرجل الذي تغمره الرجال أي تفضله وتعلو عليه وهو من قولهم: غمره الماء إذا علاه فلم يظهر، فشبه الرجل الذي لا صيت له في الناس بالشيء المتوارى تحت الماء. ويقال في هذا المعنى: رجل مغمور، وهو الذي أراد ابن قتيبة بقوله (فالعلماء مغمورون).

يقول لا تسأل عن مصرع من هو بهذه الصفة، فإن فقده لا يهم، والرزء به لا يغم، وإنما ينبغي لك أن تسأل عن مصقلة البكرى الذي يوجع مصابه ويستمطر إيابه وبعد هذا البيت:

جزل العطاء، وأقوام إذا سئلوا ... يعطون نزرا ًما تستوكف الوشلا

وفارس غير وقاف برايته ... يوم الكريهة حتى يخضب الأسلا

والنزر: القليل من كل شيء، والوشل: القليل من الماء خاصة، وتستوكف تستقطر قطرة بعد قطرة.

وقوله: ما فعلا فيه ثلاثة أوجه: يجوز أن تكون (ما) بمعنى الذي، ويجوز أن تكون مع الفعل بتأويل المصدر، وهي في كلا هذين الوجهين يدل من مصقلة، والعامل فيها الباء العاملة في مصقلة، ويجوز أن يجعلها استفهاماً فتكون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015