فنحر له ناقة لم يكن عنده غيرها، وأطعمه وسقاه، فلما أصبح الأعشى قال: ألك حاجة؟ قال: نعم، بذكرى، فلعلى أشتهر ويرغب في بناتي، فنهض الأعشى على (عكاظ) وانشد هذه القصيدة، فلم يمس حتى خطب إليه جميع بناته. وقيل هذا البيت:

لعمري لقد لاحت عيون كثيرة ... إلى ضوء نار في يفاع تحرق

تشب لمقرورين يصطليانها ... وبات على النار الندى والمحلق

وإنما ذكر النار والمحالفة، لأنهم كانوا يتحالفون على النار، وجعل الندى والمحلق كالأخوين اللذين رضعا لباناً واحداً من ثدى أم واحدة، مبالغة في وصفه بالكرم، وذكر أنهما تحالفا وتعاقدا أن لا يفترقا أبدا. وعوض: صنم كان لبكر بن وائل. وقيل: هو اسم من أسماء الدهر. وزعم المازني: أنه يضم ويفتح ويكسر، ولا أعلم أحداً حكى فيه الكسر غير المازني. وأصله أن يكون ظرفاً، كقولهم: (لا أفعله عوض العائضين) كما تقول (دهر الداهرين) ثم كثر، حتى أجروه مجرى ما يقسم به وأحلوه محله. وفي قوله: (بأسحم داج) سبعة أقوال: قيل: هو الرماد، وكانوا يحلفون به، قال الشاعر:

حلفت بالملح والمراد وبالنـ ... ـار وبالله نسلم الحلقه

حتى يظل الجواد منعفراً ... وتخضب النيل غرة الدرقه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015