وهذا القول أشبه بالبيت. ولو أراد الطيب لم يكن لتخصيصه العشية معنى وقوله: (كأن تطيابها في الأنف مشموم) فيه قولان: أحدهما أن المشموم ههنا المسك، والآخر أنه وصف شدة تخيله لها وتذكره حتى كأن طيبها في أنفه وإن كانت قد فارقته، وهذا نحو قول الآخر:

فما مس جنبي الأرض إلا ذكرتها ... وإلا وجدت ريحها من ثيابيا

وهذا المعنى أراد أبو الطيب المتنبي بقوله:

ممثلة حتى كأن لم تفارقي ... وحتى كان اليأس من وصلك الوعد

وحتى تكادي تمسحين مدامعي ... ويعبق في ثوبي من ريحك الند

وقال عبد بني الحسحاس:

فما زال ثوبي طيباً من نسيمها ... إلى الحول حتى أصبح البرد باليا

* * *

وأنشد في هذا الباب:

(177)

(يا لك من قبرة بمعمر ... خلالك الجو فبيضي واصفري)

وبعده:

(ونقري ما شئت أن تنقري)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015