يكون معلوماً أو غير معلوم، فإن لم يكن معلوماً فهو محال، لأنه حادث، وإن جاز حادث لا يعلمه مع أنه في ذاته أولى بأن يكون متضحاً له فبان يجوز ألا يعلم الحوادث المباينة لذاته أولى، وإن كان معلوماً فإما أن يفتقر إلى علم آخر وكذلك العلم يفتقر إلى علوم أخر لا نهاية لها، وذلك محال. وإما أن يعلم الحادث والعلم بالحادث نفس ذلك العلم فتكون ذات العلم واحدة ولها معلومان: أحدهما ذات، والآخر ذات الحادث، فيلزم منه لا محالة تجويز علم واحد يتعلق بمعلومين مختلفين فكيف لا يجوز علم واحد يتعلق بأحوال معلوم واحد مع اتحاد العلم وتنزهه عن التغير، وهذا لا مخرج منه؛ فأما الإرادة فقد ذكرنا أن حدوثها بغير إرادة أخرى محال، وحدوثها بإرادة بتسلسل إلى غير نهاية، وإن تعلق الإرادة القديمة بالأحداث غير محال. ويستحيل أن تتعلق الإرادة بالقديم فلم يكن العالم قديماً لأن الإرادة تعلقت باحداثه لا بوجوده في القدم. وقد سبق إيضاح ذلك. وكذلك الكرامي إذا قال يحدث في ذاته إيجاداً في حال حدوث العالم بذلك يحصل حدوث العالم في ذلك الوقت، فيحتاج إلى مخصص آخر فيلزمهم في الإيجاد ما لزم المعتزلة في الإرادة الحادثة، ومن قال منهم إن ذلك الإيجاد هو قوله كن، وهو صوت، فهو محال من ثلاثة أوجه، أحدها: استحالة قيام الصوت بذاته، والآخر: أن قوله كن حادث أيضاً، فإن حدث من غير أن يقول له كن فليحدث العالم من غير أن يقال له كن، فإن افتقر قوله كن في أن يكون، إلى قول آخر، افتقر القول الآخر إلى ثالث، والثالث إلى رابع، ويتسلسل إلى غير نهاية. ثم لا ينبغي أن يناظر

من انتهى عقله إلى أن يقول يحدث في ذاته بعدد كل حادث في كل وقت، قوله كن فيجتمع آلاف آلاف أصوات في كل لحظة. ومعلوم أن النون والكاف لا يمكن النطق بهما في وقت واحد بل ينبغي أن تكون النون بعد الكاف لأن الجمع بين الحرفين محال وإن جمع ولم يرتب لم يكن قولاً مفهوماً ولا كلاماً، وكما يستحيل الجمع بين حرفين مختلفين فكذلك بين حرفين متماثلين، ولا يعقل في أوان ألف ألف كاف كما لا يعقل الكاف والنون فهؤلاء حقهم أن يسترزقوا الله عقلاً وهو أهم لهم من الاشتغال بالنظر. والثالث: أن قوله كن خطاب مع العالم في حالة العدم أو في حالة الوجود، فإن كان في حالة العدم فالمعدوم لا يفهم الخطاب، فكيف يمتثل بأن يتكون بقوله كن؟ وإن كان في حالة الوجود فالكائن كيف يقال له كن؟ فانظر ماذا يفعل الله تعالى بمن ضل عن سبيله فقد انتهى ركاكة عقله إلى أن لا يفهم المعني بقوله تعالى " إذا أردناه أن نقول له كن فيكون " وأنه كناية عن نفاذ القدرة وكمالها حتى انجر بهم إلى هذه المخازي، نعوذ بالله من الخزي والفضيحة يوم الفزع الأكبر يوم تكشف الضمائر وتبلى السرائر فيكشف إذ ذاك ستر الله عن خبائث الجهال، ويقال للجاهل الذي اعتقد في الله تعالى وفي صفاته غير الرأي السديد لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد. انتهى عقله إلى أن يقول يحدث في ذاته بعدد كل حادث في كل وقت، قوله كن فيجتمع آلاف آلاف أصوات في كل لحظة. ومعلوم أن النون والكاف لا يمكن النطق بهما في وقت واحد بل ينبغي أن تكون النون بعد الكاف لأن الجمع بين الحرفين محال وإن جمع ولم يرتب لم يكن قولاً مفهوماً ولا كلاماً، وكما يستحيل الجمع بين حرفين مختلفين فكذلك بين حرفين متماثلين، ولا يعقل في أوان ألف ألف كاف كما لا يعقل الكاف والنون فهؤلاء حقهم أن يسترزقوا الله عقلاً وهو أهم لهم من الاشتغال بالنظر. والثالث: أن قوله كن خطاب مع العالم في حالة العدم أو في حالة الوجود، فإن كان في حالة العدم فالمعدوم لا يفهم الخطاب، فكيف يمتثل بأن يتكون بقوله كن؟ وإن كان في حالة الوجود فالكائن كيف يقال له كن؟ فانظر ماذا يفعل الله تعالى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015