وهكذا حديث حمل بن النابغة عن أبي هريرة في قصة المرأتين اللتين اقتتلتا، وأسقطت إحداهما المضروبة جنيناً، فقضى فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - بغرة قضى بالدية: دية المقتولة على عاقلة القاتلة.
لأنه قتل شبه عمد، وليس فيه عمد، بل هو ملحق بالخطأ؛ فلهذا قضى فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - بالدية على العاقلة، ولم يحكم فيه بالقصاص، فدل ذلك على أن القتل إذا كان شبه عمد، مثل أن ضرب أحدهما الآخر بعصاً، أو ضربت إحداهما الأخرى بعصاً، وصار في ذلك موت المضروب، هذا يكون شبه عمد، ما فيه إلا الدية والكفارة، إذا كان مثله لا يقتل، إذا كانت الآلة التي تضرب بها مثلها لا يقتل غالباً، فهذا هو شبه العمد، وفيه الدية، وفيه الكفارة، وإن كان هناك جنين سقط، فهذا فيه الغرة عبد أو أمة، ولما قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك، قال حمل بن النابغة الهذلي: كيف أغرم من لا شرب، ولا أكل، ولا نطق، ولا استهل، فمثل ذلك يطل! يعني يهدر، فأنكر عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال: «إنما هو سجعٌ من سجع الكهان».
هذا يدل على أنه ما يجوز معارضة الحق بالسجع، أو غير السجع، وأن السجع مذموم إذا كان فيه معارضة للحق، أما إذا كان سجعاً لا يعارض الحق، ولا فيه تكلف، فلا بأس به [...] (?).
السجع الذي ليس فيه تكلف، وينصر الحق، ويعين على الحق، لا بأس به، أما إذا كان السجع يعارض الحق، ويقف في طريق