ومن الفوائد: أن بريرة أُهدي إليها لحم، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يقبل الصدقة, وهكذا بنو هاشم، لا يقبلون الصدقة, فدعا بطعام، فأُتي بخبز وأُدم من البيت، فقال: «ألم أر البرمة على النار، فيها لحم؟!» قالوا: بلى، ولكنه تصدق به على بريرة، فكرهنا أن نطعمك منه, فقال - عليه الصلاة والسلام -: «هو عليها صدقة، وهو لنا منها هدية»، هذا يدل على أن الصدقة، إذا وصلت للفقير بلغت محلها, فإذا دفعها إلى من تحرم عليه الصدقة، جاز له الأكل؛ لأنها ليست صدقة عليه, هدية من الفقير, الفقير يهديها إذا بلغت محلها، وتأدّى الواجب بها, فإذا أهدى الفقير منها إلى غني، أو دعا الأغنياء، وأكلوا من طعامه، وإن كان من الصدقة لا حرج عليهم؛ لأن الصدقة بلغت محلَّها، فإذا أولم الفقير وليمة، ودعا إليها جيرانه وأقاربه من الأغنياء، وغيرهم, فلا بأس أن يأكلوا منها، وإن كانت صدقة عليه؛ لأنها بلغت محلها، فهي لهم هدية، ليست صدقة عليهم؛ لأنه ليس هو المزكي, المزكي غيره, وإنما هو فقير أخذها، وبلغت محِلَّها.
الفائدة الثالثة أو السُّنة الثالثة: أنها اشترت نفسها من أهلها بأقساط، كل سنة أُوقية في تسع سنين، كل سنة أوقية تساوي ثلاثمائة وستين درهماً، الأوقية أربعون درهماً، فجاءت إلى عائشة تطلب العون، أي تسديد الثمن، فقالت عائشة: «إن شاء أهلك عددت لهم الدراهم وأعتقتك». فقالت لهم قالوا: لا بأس، إن كان الولاء لنا يعني ولاءها, فسألت عائشة النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا, الولاء لمن أعتق» , قال: «اشتريها