الوديعة، يعني في حكم الدَّين الذي عليه، متى جاء صاحبها يوماً من الدهر، وعَرَفَها أدَّاها إليه، كأنها أمانة، وما نما منها كأولاد، كما نما من الربح، أو من أولاد الشاة، ونحوها، فهو له، وليس لصاحبها إلا الأصل بعد السنة. ما نما بعد السنة من أرباح، أو أولاد للشاة، أو نحوها، فهو للملتقط، لا لصاحبها؛ لأنها ملكه ونموها له.
وهكذا الشاة حكمها حكم النقود، يعرِّفها سنة، كما في الحديث الآخر: «مَنْ آوَى ضَالَّةً فَهُوَ ضَالٌّ، مَا لَمْ يُعَرِّفْهَا» (?) يعرفها سنة؛ لأنها لا تدفع عن نفسها، فهي بمنزلة السجادة، والوسادة، وأشباه ذلك، لابد من تعريفها، فإن عُرِفت، وإلا فهي له، ثم هو بالخيار، إن شاء باعها، وحفظ صفاتها، وإن شاء جعلها عند من يرعاها، كعند من يرعى غنماً جعلها مع غنمه [...] (?) تبقى مع الغنم، وإن شاء ثمَّنها قيمة عدل بواسطة أهل الخبرة، وَأَكَلَها إن كان أصلح من بيعها.
ويضبط الصفات، ويحفظها، متى جاء طالبها يوماً من الدهر أداها إليه، والتعريف سنة كاملة، كالنقود؛ لأن الشاة ونحوها لا تدفع عن نفسها، سواء كانت من الماعز، أو من الضأن ذكراً أو أنثى، لا تدفع عن نفسها، فهي له، أو لأخيه، أو للذئب، فيأخذها إن شاء إذا أمن نفسه عليها، وإن لم يأمن نفسه تركها، لكن الأفضل له أن يأخذها، لقول النبي: «خذها». لئلا تضيع.