الموت فقال سبحانه: (كذبني) فزعم أني لا اٌقدر على إعادته (ولم يكن له ذلك) يعني جل جلاله: أن إيجادي لقائل هذا القول هو دليلي عليه، فنسي نفسه وشده عن حاله وأذهله باطله حتى جحد ما هو بعينه البينة فيه.

* وأيضًا فلأن من أنكر البعث فقد أعظم الفرية على الله عز وجل من وجوه:

- منها أنه نسب جلال الله المقدس المنزه المكرم عن كل سوء إلى ما لا يرضى به غواة السفهاء من كونه يجعل عاقبة المسلم كعاقبة المحرم، ومال الذين اجترحوا السيئات، كمال الذين عملوا الصالحات. وقد قال سبحانه: {أفنجعل المسلمين كالمجرمين} أي أنهم بعد الموت يستوون في أن لا يعودوا. فقال جل جلاله: {ما لكم كيف تحكمون} أي كيف تحكمون بهذا القول على عدل الله وإنصافه، وأنه جل جلاله قضى في الجزاء لكل محسن بإحسان فقال: {هل جزاء الإحسان إلا الإحسان}، وقال: {فلا يجزى الذين عملوا السيئات إلا ما كانوا يعملون}، ولو كان ما تخيله هؤلاء الكفار من لا بعث لكان المصلح والمفسد مستويي العاقبة، بل كان يفضل المفسد على المصلح بما استسلف من نيل شهواته وإنفاذ مآربه إلى غير ذلك.

- ومنها أن الله سبحانه وتعالى جعل القيامة مظهرة من قدرته لما لا يظهر إلا بذلك؛ فإنه سبحانه وتعالى لما أنكر (25/ب) المنكرون بعثه سبحانه الأجسام بعد كونها عظامًا ورفاتًا - اقتضت حكمته أن يغضب لقدرته غضبة انتصار لها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015