* وقوله - صلى الله عليه وسلم - (لا تذعرهم علي) فهذا من مليح القول الذي يشد (205/ أ) قلوب أصحابه، ويقوي نفس المرسل، فإنه يوهمه أنه طليعة في أخذهم متوقع حصولهم، فيكون معنى لا تذعرهم علي أي لا يهربوا مني.

* وفيه أيضًا دليل على أن من انتدب لله وجاهد في سبيله أعانه الله، ألا ترى حذيفة كيف يقول: فخرجت كأنما أمشي في حمام؟.

* وفي هذا دليل على أن الحمام قد كان معروفا في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

* وقوله: (فرأيت أبا سفيان يصلي ظهره) يدلل على أنه قد كان أخذته الرعدة حتى اصطلى أقبح اصطلاء، وهذا قد كان في حال شركه ثم أسلم فحسن إسلامه، وأن حذيفة لما ذهب طليعة لم يترك سلاحه كما يفعل الجبان إذا انتدب في مثل هذه الحال بدعوى التخفف مزمعا على الهرب.

* وقوله: (فأردت أن أرميه) فذكرت قوله - صلى الله عليه وسلم -: (لا تذعرهم علي) يدلل على شجاعته وأنه وحده لم يبالهم، ويدلل على حسن نظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفراسته فيه.

* ثم قال: (ولو رميته لأصبته) وهذا يدلل على جواز قول الرجل عن الشيء الذي لم يكن أن لو كان على مقتضى ظنه لكان قوله: (لو رميته لأصبته).

* وقوله: (فلما فرغت قررت) كسر الله تعالى عن حذيفة البرد في المكان الذي كان يتخوف البرد فيه، حيث امتثل أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قصد العدو، وأنه لما عاد إلى حيث أمن وفرغ من شغل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعاد إلى المكان الذي كان فيه، عاوده البرد، ليثبت عنده أن ذلك الدفء الذي غشيه قبل ذلك من الله عز وجل لا من الوقت.

* وقوله: (فألبسني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من فضل عباءة كانت عليه). فيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن متكبرًا حيث كان هو وحذيفة في ثوب واحد.

* وفيه تشريف لحذيفة حيث شمله بثوبه - صلى الله عليه وسلم -.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015