* وقول حذيفة ما قال في ذلك ويمينه عليه، فإنه قول صدق لأنه أسند خبره في ذلك إلى حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي لا ريب فيه.
* وفيه أيضًا من الفقه أن الرجل إذا خالف الرجل في مسألة وعنده فيها حديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لو قد ذكره لرجع عنه خصمه إليه وانقطع الجدال به، فإنه يجب عليه أن يذكره. ألا ترى إلى جندب كيف قال لحذيفة: (بئس الجليس لي أنت منذ اليوم تسمعني أخالفك، وقد سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا تنهاني) فلم ينكر عليه حذيفة ذلك.
* وفيه أيضًا أن الرجل إذا خالف الرجل في مسألة فينبغي أن ينظر إلى مخالفه ومن هو أولًا، فإن كان من لا يسوغ له خلافه أو هو أعلم منه، رجع إليه. ألا ترى إلى جندب كيف قال لحذيفة: ما هذا الغضب؟ ثم أقبل عليه- فإذا هو حذيفة بن اليمان.
* وفيه أيضًا من الفقه أن الغضب قد يحمل الإنسان على الإعراض، وأنه لا ينظر من حوله فينبغي له أن لايثق بنظر في حالة الغضب، لأنه لم يعرف حذيفة حتى أقبل عليه وسأله.
-409 -
الحديث الثالث:
[عن حذيفة، أنه قال: أخبرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما هو كائن إلى أن تقوم الساعة، فما منه شيء إلا قد سألته. إلا أني لم أسأله ما يخرج أهل المدينة من المدينة].