من ضحك رب العاملين حين قال: أتستهزئ مني وأنت رب العالمين؟ فيقول: إني لا أستهزئ منك، ولكني على ما أشاء قادر)].

* هذا الحديث في ذكر نجاة هذا الرجل من النار، فيجوز أن يكون قد نجي منها بعد الوقوع فيها، ويجوز أن يكون قد نجا منها فلم بدخلها.

* وفيه أيضًا أنه آخر أهل الجنة دخولًا إليها، فإنه قد يخرج قوم فيدخلون الجنة فإذا كان هذا آخر أهل الجنة دخولًا إليها فإنه يكون آخر أولئك. والذي أراه فيه من الفقه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أراد أن يعرف عباد الله (147/ أ) كرم ربهم سبحانه وتعالى، وأنه ليس كمن عرفوه من ملوك الدنيا، فإن الواحد منهم إذا عاقب أحدًا استوحش منه ولم يأمن بعد ذلك إليه فلا يقربه، فأراد - صلى الله عليه وسلم - أن يعلم بهذا الحديث أن الله سبحانه وتعالى صفته الرحمة، وأنه إذا عاقب بعدله الحد الذي انتهى إليه علمه، وكان ذلك جزاء لمن خالف أمره عطف عليه سبحانه العطف الذي يدنيه إلى الخير ويقربه منه منزلة بعد منزلة، وأنه كلما رأى شيئًا لا صبر له عنده عذره سبحانه وتعالى في إخلاف الوعد حتى يدخله الجنة، ويضعف له العطاء ويضحك منه سبحانه رضي عنه.

* ومعنى قوله: (ما يصريني) أي ما يقطع مسألتك لي ويرضيك يقال: صريت الشيء إذا قطعته، وصريت الماء: إذا جمعته.

وكأصرى وصرى وهو الذي يطول استنقاعه.

فإن قيل كيف قال: أعطاني ما لم يعط أحدًا من الأولين، وهو يعلم أن خلقًا قد سبقوه إلى الجنة وأنهم أفضل منه؟

فالجواب من وجهين:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015