-218 -
الحديث السادس عشر:
[عن سعد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لا يزال أهل الغرب ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة)]
* في معنى هذا الحديث ثلاثة أوجه كلها تدل على صدق نبينا - صلى الله عليه وسلم - وصحة نبوته: أحدها؛ أنه أشار بذلك إلى ما قد شوهد من ائتلاف الكلمة بالغرب واستعمالهم مذهب مالك بن أنس رضي الله عنه، وأنهم متمسكون بالحديث غير مازجين لمذهبه بشيء من الكلام، وليس في الغرب مذهبان فيجري فيهما خلاف، ولا ينسب إلى هذا المذهب شيء من البدع فيما علمت.
الثاني؛ أنه أراد بذكر الغرب أنه ثغر يتاخم المشركين مثل قسطنطينة وغيرها، والجهاد فيه لا (118/ ب) يزال متصلا، فأخبر - صلى الله عليه وسلم - أن كلمة الإسلام لا تزال في ذلك الثغر ظاهرة إلى أن يأتي أمر الله عز وجل، وإذا كانت الكلمة في الثغر في ذلك الثغر ظاهرة إلى أن يأتي أمر الله عز وجل، وإذا كانت الكلمة في الثغر ظاهرة فهي فيما وراءه الثغر إلى ناحية بلاد الإسلام أظهر وأظهر.
والثالث؛ أن ما تسير الشمس فيه من وقت طلوعها إلى حين زوالها لا يمتنع أن يسمى مشرقًا، كما أن ما تنحدر فيه من وقت زوالها إلى أن تغرب لا يمتنع أن يسمى مغربًا، وصارت الأرض كلها بهذه القسمة مشرقًا ومغربًا.
فإذا نظرنا إلى الأرض على هذه القسمة من حيث الأقاليم فإن ما يرجع إلى المشرق كلهم لسانهم أعجمي، وما يرجع إلى المغرب كلهم لسانهم عربي، فتكون الإشارة بذكر المغرب إلى أن العرب ينصرون فوعد بظهورهم بالحجة