فلبث خبيب عندهم أسيرًا حتى اجتمعوا على قتله، فاستعار من بعض بنات الحارث موسى يتحد بها فأعارته، فدرج بنت لها وهي غافلة حتى أتاه، فوجدته مجلسة على فخده والموسى بيده، ففزعت فزعة عرفها خبيب في وجهها، فقال: تخشين أن أقتله؟ ما كنت لأفعل ذلك. قال: والله ما رأيت أسيرًا قط خيرًا من خبيب، فو الله لقد وجدته يومًا يأكل قطًفا من عنب في يده، وإنه لموثق في الحديد، وما بمكة من ثمرة، وكانت تقول: إنه لرزق رزقه الله خبيبًا، فلما خرجوا من الحرم ليقتلوه في الحل، قال لهم خبيب: دعوني أصلي ركعتين، فتركوه فركع ركعتين، فقال: والله لو أن تحسبوا أن ما بي جزع لزدت، وقال: اللهم أحصهم عددًا، واقتلهم بددًا، ولا تبق منهم أحدًا.
ولست أبالي حين أقتل مسلمًا .... على أي شق كان الله مصرعي
وذلك في ذات الإله وإن يشأ .... يبارك على أوصال شلو ممزع
ثم قام إليه أبو سروعة عقبة بن الحارث، فكان خبيب هو من سن الركعتين لكل امرئ مسلم قتل صبرًا الصلاة، وأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه يوم أصيبوا خبرهم، وبعث ناس من قريش إلى عاصم بن ثابت، حين حدثوا أنه قتل- أن يؤتوا بشيء منه يعرف، وكان قتل رجلًا من عظمائهم، فبعث الله تعالى لعاصم مثل الظلة من الدبر، فحمته من رسلهم، فلم يقدروا أن يقطعوا منه شيئًا).
وفي رواية: (أن خبيبًا قتله ابن الحارث، واستجاب الله لعاصم بن ثابت