* في هذا الحديث من الفقه: حسن التوصل في تقرير الجاني بلسانه؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جعل ما سألهم عنه، فكذبوه فيه، فرد عليهم كذبهم منه، فاعترفوا بصدقة - صلى الله عليه وسلم - (106/ب) في تكذيبهم، ثم سأل عن العذاب إلى أن قررهم بأنهم وضعوا له السم في الشاة.
* وفيه أيضًا: أنه أخذ عليهم القول باعترافهم أنهم في النار، ثم ادعوا الخروج منها.
* وأما قولهم: (تخلقونا فيها)، فإنه ثبت عليهم ما اعترفوا به، ولم يثبت ما ادعوه علينا؛ فلذلك قال - صلى الله عليه وسلم -: (اخسئوا فيها، والله لا نخلفكم فيها أبدًا) وهاهنا نبين حسن النظر في نطق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأخذه عليهم بمجامع طرق القول، وعنادهم غيرة بعد غيرة.
* وقولهم: إنا وضعنا لك السم؛ حتى إن كنت كاذبًا نستريح، وإن كنت نبيًا لم يضرك، فهو يبين ما سولته لهم أنفسهم؛ لأنهم كتب عليهم إثم الشروع في قتل نبي، وبذل جهدهم فيه، ومع ذلك فكفاه الله كيدهم، فهذا من سوء ما تسوله الأنفس الخبيثة ويقذفه الشيطان في قلوب بني آدم، ولو كانوا اهتدوا أن ينظروا في أمره - صلى الله عليه وسلم -؛ فإنه كان أوضح من أن يخفى على العمي الصم من كل من خلق للنار، كما قال عز وجل: {ولقد ذرأنا لجهنم كثيرًا من الجن والإنس}.