فالعلم يكون عن التدبر، والحفظ يكون للدراسة، فقدم العلم الذي هو ثمرة التدبر.

*فأما كون داود لا يأكل إلا من عمل يده، فإنه من أطيب الكسب وأحلاه عند الرجل، فلأن العامل بيده ينفع نفسه وينفع غيره، ويقوم من صنعته بفرض كفاية لأن يبيعها للناس، ولا سيما لمثل داود عليه السلام مع كونه جل صنعة في الأرض، فكان أكله من كسب يده أنفي للكبر عنه، وأبعد للتهمة فيه.

-2188 -

الحديث الخامس والعشرون:

] عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (من يرد الله به خيرًا يصب منه) [.

*في هذا الحديث من الفقه: أن إصابة الله عبده بمصائب هذه الدنيا دالة على خير، إلا أن الخير هاهنا نكرة، وليس معرفاً بالألف واللام، فإن المصائب في هذه الدنيا تكون خيراً من جملة الخير، كما أن العافية تكون خيراً من الخير أيضًا، إلا أنه لا يستدل بالمصيبة على سيئة للإنسان في دينه إذا أثارت من المصاب بها صبرًا وتسليمًا ورضًا وفهمًا، فإن أثارت غير ذلك كانت عليه عقوبة، كما أن العافية إذا أثارت شكرًا كانت نعمة، وإذا أثارت بطرًا كانت آفة. *وقوله: (يصب منه)، بمعنى يصيبه، أي: لا يستأصله، وإنما تمسه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015