أبى، قيل: ومن يأبى؟ قال: (من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى) [.

*قوله: (من أبى) دخول الجنة، وذلك إنما هو أن يأبى الطاعة، فمن أبى الطاعة يأبى دخول الجنة، وذلك أن قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:أبى، يعني: أن دخول الجنة في الآخرة من طريق إليها، فالدنيا هي عند أهل العقل والنظر الصحيح جنة تنقل إلى جنة، فإن الطريق إلى الجنة في الآخرة إنما هي عبادة الله في الدنيا، بأنواع العبادات التي هي كلها حقائق الأمن وعروش الطمأنينة، كالصدق والبر؛ اللذين يكسبان المودة والصلة التي تؤكد الألفة، والأمكنة التي يقع بها عن الخلق الطمأنينة، وإتيان المعروف الذي تسكن إليه كل نفس، وهذا من الذي يستشير السر من كل ذي لب.

والعفو عن المذنب وحقه (94/ب) الجاد، وإكرام الضيف، والصدق في القول، والوفاء بالعهد، وحفظ الأخ بالغيب، ومجانبة الهجر من الكلام، والطهارة والنظافة، واستعمال مكارم الأخلاق من الجود والشجاعة والعفة، وغير ذلك من مكارم الأخلاق التي تفوقها على كثرتها كلها أداء فرائض الله سبحانه التي بها يشرف العبد في عبادة ربه، وانقطاعه عن الخلق إليه، وإخلاص الإيمان له في الصوم والحج، ومعاداة أعداء الله سبحانه، وبذل النفس له، واستسهال الموت في سبيله، فإن ذلك مما كله، إذا نظر بعين الحقيقة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015