* وقوله: أين ملوك الأرض؟ فإن فيه تنبيهًا لمن اغتر من ملوك الدنيا بملكه الذي كان فيه صورة، إذا نظر في معناها يستوقف؛ لأن الملك من ملوك الدنيا في نفسه فقير إلى بنيانه، فقير إلى أعوانه، فقير إلى أرض تقله، فقير إلى سماء تظله، فقير إلى دوام صحته، فقير إلى أعضائه، فقير إلى مادة تدوم معها حياته، فقير إلى تناول مطعمه ومشربه، فقير إلى خروج أثقال غذاء يعييه، فقير إلى صاحبة ليسكن إليها، فقير إلى ولد يكون خلفًا منه بعد موته، حتى إنه ذو شعب في الفقر واسعة، وأصول له فيه معرفة، فهو بأن يسمى الفقير حقًا أولى من أن يسمى ملكًا، فكانت تسميته المجازية بذلك في مدة غرور الدنيا بين (89/ أ) أهلها، حتى إذا ظهر الحق وبطل الغرور، وذهبت مدة استيلاء الحسنى في دار الدنيا بأن حشد عورات الدنيا، وإن ما كان تسمى به من يتسمى من ملوكها مجازًا كان كشفية الحقيقة.
* وذكر الله سبحانه لملوك الدنيا، فيه تنبيه على من دونهم في المنزلة فكان ذلك بالغًا في الموعظة والذكرى.
-2173 -
الحديث العاشر:
[عن أبي هريرة، قال: أتي النبي - صلى الله عليه وسلم - برجل قد شرب الخمر، قال: (اضربوه) قال أبو هريرة: فمنا الضارب بيده، والضارب بنعله، والضارب بثوبه، فلما انصرف، قال بعض القوم: أخزاك الله قال: (لا تقولوا هكذا، لا تعينوا عليه الشيطان)].