إلى جانبه، وقد كان أنس خالي بهذا الأنين لكثرة ما يسمعه قال: وهذا القبر (54/أ) لرجل من أهل الكتاب المتعاطين القدامى، أتى امرأة فاسدة اختصمت الفاجرة مع أخت هذه المتعاطي، فقالت الفاجرة له: إن أختك قد زنت فحمله تعاطبه على أن أخذ أجنة وبقر بطنها فوجدها بكرًا لم تصب، ثم أعماه الله على أثر ذلك، ثم أماته فدفن في هذا القبر، فمذ ليلة دفن سمع هذا الأنين.
فلا يحل لمسلم أن يقبل في دعوى الزنا إلا البينة التي شرطها الله تعالى في ذلك أن قال: {لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء فإذا لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون} هذا ولو أنهم رأوا وشاهدوا؛ فإنهم عند الله كاذبون، وذلك لأن هذه الوصمة إذا وصم بها رجل رجلًا أو امرأة فقد أتى عظيمًا من الأمر، فإذا عمل الإنسان بقوله صار شريكًا له فيما أناه الله.
*وأما قول المرأة: لا تجعل ابني مثل هذه؛ فلأنها رأت صورة كرهتها، من أنها تقذف وتؤدى، وما علمت الباطن.
*وأما إخراج الصبي الثدي من فمه، فإنه آثر قول الحق على الرضاع المستلذ، فقال: اللهم اجعلني مثل هذه، ولو قبالت لا تبل ولدي بمثل ما ابتليت هذه لم ينكر ذلك إن شاء الله، إنما قالت: لا تجعل ولدي مثل هذه، وكان هذا شأنًا عظيمًا منهما في الخلق، وهو أنه لا يسوغ قبول قول الفجار