فحملت، فولدت غلامًا، فقيل لها: ما هذا؟ قالت: من صاحب هذا الدير، قال: فجاءوا بفؤوسهم ومساحيهم، فنادوه، فصادفوه يصلي، فلم يكلمهم قال: فأخذوا يهدمون ديره، فلما رأى ذلك، نزل إليهم، فقالوا له: سل هذه، قال: فتبسم، ثم مسح رأس الصبي، فقال: من أبوك؟ قال: راعي الضأن، فلما سمعوا ذلك، قالوا: نبني ما هدمنا من ديرك بالذهب والفضة؟ قال: لا، ولكن أعيدوه ترابًا كما كان، ثم علاه)].
*في هذا الحديث وجوب (52/ب) الإيمان بأنه لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة، حتى إنه قد روي على النبي - صلى الله عليه وسلم - من الأحاديث الواهية أنه قد تكلم غير هؤلاء، رد ذلك، وعمل بهذا.
*وفيه أيضًا أن هذا الحديث قد اشتمل على ثلاثة شؤون كبار مهمة من حيث إنه قرن كل شيء منها بما يناسبه؛ لأن أولها كلام عيسى بن مريم عليه السلام في المهد، وذلك مما يدل على علوه على الحالتين الأخريين لمشاركتهما قصة عيسى.
*فأما كلام غيسى في المهد، فإنه لم يكن تبرئة أمه مما قذفت به إلا بنطق الولد، فإنها لما أتت به من غير ذكر، وكانت حالًا في ظاهر الأمر هائلة خارقًا للعادة أتى الله عز وجل فيها بأمر بديع من كلام صبي في المهد يقول: {إني