وإن لم يشتهه سكت)].
*في هذا الحديث من الفقه: أن الإنسان ينبغي أن يرى نفسه في هذه الدنيا ضيفًا لله عز وجل، وأن كل ما يقدم إليه في بيته وبيت غيره إنما هو من ضيافة الله؛ لأن إضافة الرجل للرجل بالشيء المستطرف والمستحسن من الأطعمة فقد سبق خلق الله عز وجل لذلك الشيء وإعداده سبحانه إياه، فلو لم يجد الضيف ذلك الشيء المضاف به مخلوقًا معدًا لم تبلغ قدرته إيجاده، فصار المضيف على الحقيقة هو الله تعالى، وحقيق بمن يرى أنه ضيف الله عز وجل وإن أكل طعامًا فإنما هو مجموع أجناس قد بدأ الله بخلقها، وسهل حصولها، ولا ينبغي له أن يعيب شيئًا منها؛ بل إن كان به حاجة إليه يتناوله، وإن لم يكن إليه حاجة تركه.
فكما أنه لا يحسن بالمؤمن أن يهين شيئًا مما خلقه الله له من جميع الأشياء، فكذلك لا ينبغي له أن يتناول منه فوق حاجته؛ لأنها قوته وقوت غيره، فالقسمة بينه وبين غيره لم يكن تقديرها إلا بالإشارة بحالة الاحتياج، فإذا أخذ من شيء هو مشاع بينه وبين غيره أكثر من حاجته فقد ظلم غيره مقدار التفاوت (48/ب).
*وفيه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يأكل إلا ما يشتهيه لقوله: (كان إذا اشتهى شيئًا أكله)، وهذا يدل على أنه يستحب للإنسان ألا يأكل من الطعام إلا ما يشتهيه، ولا يجاهد نفسه على تناول ما لا يريده؛ فإنه من أضر شيء بالبدن، وقد جاء