بمشرك).
ووجد أصحابه قتيلًا من خيارهم وفضلائهم بهذه البلاد العظيمة والعساكر الكثيرة بعد مثلة فلم يحف لهم من أجله على أعدائه من اليهود الذين وجد مقتولًا بينهم، ولا زاد على مر الحق بل وداه بمائة ناقة من صدقات المسلمين، وإن لأصحابه إلى بعير واحد يتقوون به، وكان يؤثر على نفسه بالطعام، ويصبر على ذلك، حتى لم يشبع من خبز بر ثلاثة أيام متوالية إيثارًا على نفسه فلا فقرًا ولا بخلًا.
يجيب الوليمة، ويعود المرضى، ويشهد الجنائز، أشد الناس تواضعًا، وأسكنهم في غير كبر، وأبلغهم في غير إطالة، وأحسنهم برًا، لا يهوله شيء من أمر الدنيا، يجالس الفقراء، ويؤاكل المساكين، ويقبل المعذرة، ولا يحتقر مسكينًا (42/أ) لفقره وزمانته، ولا ينأى ملكًا لملكه.
يدعو هذا وهذا إلى الله دعاءً واحدًا إلى غير ذلك من سيرته الشريفة - صلى الله عليه وسلم -.
وهذا الكتاب كله، وكتب الإسلام المصنفة لا تأتي على فضله - صلى الله عليه وسلم -، ولا على معجزاته، ولا على دلائله - صلى الله عليه وسلم -، فكان الاقتصار في هذا الموضع عن شرح ذلك وبسطه دليلًا على إشاعة وعظمة وتوفيره عن الحصر والجمع والضم في موضع من الكتاب.