وشرح صدره، وأعلى على كل قدر قدره، وأنزل في الكتب صفته ونعته، فبشر به الأنبياء، ويقدموه في البعث، وجاء خاتمًا لهم، مصدقًا لجميعهم، ناسخًا لجميع الشرائع بشريعته.
وأنزل عليه كتابًا مهيمنًا على كل الكتب الذي قبله، وجعله مختارًا من أشرف البيوت وأوسطها، وجعل معجزاته الشاهدة بتصديقه، أكبر من عدد الحصى وورق الشجر؛ حتى أيقنت النفوس، واضطرت إلى الإيمان به، ومن أعلامه ومعجزاته: القرآن الكريم، وإنما كان القرآن معجزًا؛ لأن الخلق عجزة أن يأتوا بمثله.
فأما من حيث ظهور عجزهم؛ فإنه قد بان لعوام الناس من أنه لما مضى على إنزاله ما مضى من السنين، ولم يقدر أحد على أن يأتي بمثله مع تحديهم به، التحدي الذي ظهر وانتشر، ودعاهم وهم بلغاء الناس منذ بعثه الله عز وجل وجزيرة العرب يومئذ مملوءة بالآلاف منهم، ومن جاء بعده منهم عليه السلام في أقطار المشارق والمغارب. قرنًا فقرنًا إلى وقتنا هذا منذ خمسمائة سنة (38/أ) ونيف وخمسين عامًا من هجرته - صلى الله عليه وسلم -.
مع تحديهم بأن يأتوا بمثله أو بعشر سور مثله أو بسورة من مثله أو متلوا منه، وهي قوله عز وجل: {قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرًا} تقريعًا وتعجيزًا، فكلهم عجز عن ذلك، وكع عنه، وانقطع دونه، وخسر، وأخلدوا إلى أن