وعمرو بن أحيحة قد عده ابن أبي حاتم من الصحابة الذين رووا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وذكر فيهم، حاتم (24/أ) ورواه عنه ابنه، أبي حاتم، ووهمه ابن عبد البر في ذلك، وتوقى توهيمه له.

وكان عمرة بن أحيحة حليمًا وقورًا، يسمع الأذى فيغضى عنه فيقال: لم تقر ما تسمع من الأذى؟ فيقول: لو أني آخذ بطرف شرارة أذى يبلغني لخسرت دونه، ولم أبلغ في ذلك ما أريد، وشغلني ذلك عن غيره، وأدرك من يبلغني ذلك عنه الذي طلب، والصمت على ما يكره المرء خير من السمعة إذا تكلم المتكلم في الشيء، ثم نزع عنه قبل أن يبلغ أقصى الذي يتكلم فيه، عجزه ذو الرأي والفضل واللب والفصل، ومن عارض الناس في كل ما يكره منهم، أشتد ذلك عليه، وانكشف للناس من أمره ما لا يحب أن ينكشف لهم منه.

ومن حاجى ليس له بخطر لم يصغر إلا عرضه، وهان على من كان يكرمه، واجترأ عليه من كان يهابه، وصغر من كان يجله، وإذا استشرى الشيء، وصون المرء نفسه بالعلم خير من ابتذالها بالجهل، والفراغ من إدارة أمر لا يعنيك ولا ينفعك خير من الوقوف عليه، وشغلك عن سواه من إكرام عرض وصون حسب، ومن ماط الناس ماطوه، ومن قال ما ليس فيهم، قالوا عنه ما ليس فيه.

واستمع ما يقال للناس في أنفسهم، ولا تجعل للناس مقالًا عليك فيما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015