* الخصلة الثالثة والخمسون: أن يسلم المسلمون من لسانه ويده.
ولما كان من مقتضيات الإيمان ألا يمد المسلم إلى عامة المسلمين يدًا، ولا يبسط إلى عامة المسلمين لسانًا، كان ذلك من دلائل الإيمان، وهذا قد يقتضي سلامة جميع المسلمين، وعلى هذا فمن نال بعض المسلمين بيده أو لسانه، لم يخرج من الإيمان، فيكون ما جرى من الصحابة رضي الله عنهم، وما جرى من المسلمين بعضهم مع بعض لا يخرجهم من الإيمان.
* الخصلة الرابعة والخمسون: أن يكون مثل السنبلة.
ولما كان من مقتضيات الإيمان أن يكون المؤمن في هذه الدنيا مفتقرًا إلى مزعج له عن هذا المقر الدني، وكان من فضل الله تعالى عليه أيضًا ألا يشمت به عدوه، ولا يحبس عنه نصره، وأن العاقبة تكون له، كان من حاله أن يكون في معنى السنبلة؛ تميل أحيانًا، وتعتدل أحيانًا، ويجوز أن تكون مثله، أن تميل به الهفوة ميلًا إلا إنها لا تبلغ به إلى الانقطاع والانكسار، لم تعتدل اعتدالًا في لين، لا يؤمن عليه الميل أيضًا، فهو هكذا دأبه حتى يلقى ربه.
* الخصلة الخامسة والخمسون: أن يعلم أن الله معه حيث كان.
ولما كان من مقتضيات إيمان المؤمن أن يعلم أن الله سبحانه معه حيث كان، فلا يستوحش إذا خلا، ولا يخاف إذا انفرد، كما إنه لا ينبغي أن يتفسح في النطق إذا كان وحده، ولا يكشف عورته إذا لم يكن عنده غيره، كما إنه إذا كان في مواطن منها يشترك الحلم، ويضطرب العزم إلى أن يقول الكلمة التي هي (94/ ب) غير صالحة، فينبغي له أن يؤمن أن الله معه، يسمع ما يقول، ويعلم ما عليه يعزم، فكان هذا من خصال الإيمان بل لبابه.
* الخصلة السادسة والخمسون: أن يهجر السوء.
ولما كان السوء كله سامه، اقتضى الإيمان أن يهجر كله، فكان هجران