إلا أنها صدقة كريمة، أخرجت مخرج الضيافة ليقبلها الغني، ولا يستنكف عنها ذو الوجد، فكان المؤمن إذا رأى ذلك من أسرارها، رأى أن الله عز وجل ساق إليه ذلك الغني ليضيفه، فتصدق عليه بفضله، فهو من محاسن فقه الإيمان.

* الخصلة الثالثة والثلاثون (90/ ب): أن يقول خيرًا أو ليصمت.

ولما كان القول هو الذي تركب عليه أرواح المعاني، حتى يوصلها القول إلى أوكد الأذكار، وكان مما هدى الله به إلى الحق، هو القول الطيب، وكان مما يوصل إلى النار، هو القول الخبيث، كان قول المؤمن الخير إن قدر عليه، أو الصمت عن الشر إن لم يقدر على قول الخير، من خصال الإيمان إلا إنه يدلك هذا أن قول الخير؛ هو أعلى وأرفع وأكمل، فإن لم يقدر على ذلك انتقل عنه إلى الصمت قانعًا فيه بالسلامة؛ إذ لم يتهيأ له الربح في قول الخير.

* الخصلة الرابعة والثلاثون: انتدب الله لمن خرج في سبيله.

ولما كان انتداب المؤمن ونفس انتهاضه محصلًا له إحدى الحسنيين بيقين: إما الشهادة المحصلة لفوز الآجل، وإما الغنيمة المحصلة لفوز العاجل، كان نفس إيمانه بهذا الذي اقتضى نهضته ناشئًا عن إيمانه.

* الخصلة الخامسة والثلاثون: البذاذة.

ولما كان اهتمام الرجل غير مستحسن منه أن يكون مقصورًا على تحسين ثوبه أو تسوية عمته، وأن المستحب من أحواله أن يكون ساعيًا في تسوية مغابنه غير معوج على تسوية ظاهره إلا لمعنى غير راجع إلى هذه العاجلة، كانت البذاذة، وهي تجنب الزينة في الملبوس، والعدول إلى طهارة الثوب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015