نعلم إلا خيرًا. اللهم إن كان محسنًا فجازه بإحسانه، وإن كان مسيئًا فتجاوز عنه، جئناك شفعاء فيه طالبين له، فمن تنبه لجود الله وفضله، علم أنه لم يشرع هذا بهذه الأذكار إلا وهو سبحانه يقبل شفاعة الشافعين، ويرحم المشفوع فيه.
ثم لما كان مواراة المسلمين، وشهود جنائزهم من فروض الكفايات وقد وعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك بما وعد من الأجر، وهو قيراطان، كل منهما مثل جبل أحد، (90/ أ) كان اتباع الجنائز إيمانًا بحصول ذلك يبلغه مع الإيمان بثقل صنجته أيضًا من خصال الإيمان.
* الخصلة الحادية والثلاثون: ألا يؤذي جاره.
ولما كان الجار، إما اللاجئ وإما القريب بالمنزل، كلاهما فمن من ذوي النفوس الأبية بإسعافه، والمناضلة عنه، والمراماة دونه، وأن يكون المؤمن لا يتقصد أذية المؤمن، فإن قارف أذية لمؤمن فليكن صارفًا لذلك الأذى عن جاره؛ إذ قد أوصاه الله به في كتابه وعلى لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم -، فكان كف الأذى عن الجار من مقتضيات الإيمان.
* الخصلة الثانية والثلاثون: إكرام الضيف.
ولما كان الضيف من حيث إنه يأوي إلى مضيفه في حالة يتعين على المضيف أن يقوم منها بمبلغ وسعه إيمانًا بأن الله سبحانه وتعالى سيخلف عليه ما أنفق على ضيف قصده، لا قرابة بينه وبينه، ولا يرجوه ولا يخافه، بل من حيث إنه يأوي إليه، فكان ذلك من خصال الإيمان؛ لأن الضيف قد يأتى في وقت، وهو ملك في زي مسكين؛ لأنه قد يأتي في وقت لا يمكنه أن ينتفع بملكه في موضع لا يمكنه أن يبتاع ما يريده، فيكون المضيف له كالمتصدق عليه