على الأرض إلا على اليقين منه أن ربه الأعلى، وكرر ذلك كتكريره في ركوعه.
وهكذا حتى انتهى إلى تشهده، فجلس جلوس محتشم غير مبتذل ولا متبدد ثم قال: (التحيات لله) وهي جمع تحية، فكأنه لم يرض بتحية واحدة حتى أتى بالجمع من ذلك، ثم قال بعده: (والصلوات)، فيقتضي أن يعني بها مجتمع أذكاره ومحامده سبحانه، وكذلك (85/ ب) أتبعها بقوله: (والطيبات) وهي الكلمات المطيبات.
ثم قال: (السلام عليك أيها النبي)؛ فكأنه في مقامه ذلك استشعر قربه من ربه سبحانه، فكان من أدبه أن يكون سلامه على رسوله إجلالا وإكرامًا، ثم قال: (السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين) فتصيب كل عبد صالح في السماء والأرض.
ثم جدد الشهادة فقال: (أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله)، وذكر العبودية هاهنا قبل ذكر الرسالة إشارة إلى ما ذكرناه من السلام عليه - صلى الله عليه وسلم -، ثم استعاذ من العذاب والفقر والفتن ثم سلم تسليمتين عن يمينه وشماله مشعرًا بسلامه أنه على نحو القادم من الغيبة، والراجع إلى الخلق من الملائكة وبني آدم وغيرهم.
فهذه الصلاة بسائر أجزائها تدل على الإيمان من حيث تكبيره، والاستعاذة به، وقبول بشراه، والحمد لله، والاعتراف بربوبيته، وملكه يوم القيامة، وإفراده بالعبادة، وطلب الاستعانة منه، وسؤال الهداية للطريق المستقيم، وتجنب الضلالة من حالة المغضوب عليهم والضالين، وتكبيره عند ركوعه وتعظيمه وتسبيحه في السجود، والإيمان بأنه الأعلى ... إلى غير ذلك، فهذا