* وقوله: (إنه من مدد السماء الثالثة)، إنما كان ذلك لأن القوم أمدوا بالملائكة من جميع السموات، وكأن الملائكة تشاحوا في النصرة لهم، فأنزل الله من كل سماء ملائكة، فكان ذلك الملك من السماء الثالثة.

* وفيه من الفقه شدة عمر في ذات الله تعالى، وأنه كان رأى أن قتل أئمة الكفر وصناديدهم في أول الأمر أحزم، وبقوة الإيمان أعلن، فإن وضع السيف ورفع الصوت من القليل في الجم الكثير مشعر أن القليل واثق وغير جانح إلى السلم، ولا مبال بما يكون من قتله الأعداء. وما رآه أبو بكر رضي الله عنه من الفداء فهو الذي أدى إليه حينئذ احتقاده لا رفقًا بالكفار ولا إشفاقًا عليهم وإنما رأى أن قوة (67/ أ) الإسلام بأخذ ما يؤخذ من أموالهم، وأنه لا يفوت قتل من لا يؤمن منهم بعد أخذ ماله، فكان كل من القولين خارجًا مخرجه، فنزل القرآن بالإشارة في إهلاك المشركين مع إمضاء ما جرى ليعمل بالقولين في إمضاء رأي أبي بكر وتصويب رأي عمر.

* وفيه أيضًا أن المنعم عليه إذا سر فاعترض له في وقت مسرته بعض ما ينافي السرور لم يملك عينه، فإن أرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر كان متابعة لإصابة رضى الله عز وجل في كل ذلك، فلما كان من الأمر في قبول الفداء ما كان، ثم إن الله عز وجل أمضاه فلم يكن الرجوع عنه إلى القتل، فكان البكاء كيف لم يسبق القتل.

* وفيه أيضًا أن البكاء قد يهيج البكاء، وأن التباكي جائز أيضًا من مثل عمر وكل مخلص، فإنه إنما يبكي بالإخلاص لله وإن تباكى، فقد روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (ما أشاء أن أبكي إلا بكيت).

* وفي الحديث ذكر الهوى، والهوى إذا ذكر مطلقا من غير تقييد كره ذكره، وأما إذا قيد؛ كقوله في هذا الحديث: (فهوي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما قال)؛ جاز، لأنه لو قال: (فهوي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) ولم يقل ما قال كان مكروهًا، لن ابن عباس لما قال له رجل: (الحمد لله أن وافق هوانا هواكم)، قال ابن عباس: (هذه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015